كتاب منهاج المسلم
الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) } [يوسف: 101] . وَقَالَ مُوسَى فيِ بَعْضِ طَلَبِهِ: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) } [طه] . وقالَ هارونُ لبني إسرائيلَ: {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) } [طه: 90] .
وقالَ زكريَّا فيِ استرحامهِ: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) } [مريم: 4] . وقالَ في دعائهِ: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) } [الأنبياء: 89] . وقالَ عيسَى فِي إجَابتهِ له تعالَى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة: 117] . وقالَ مخاطبًا قومهُ: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) } [المائدة: 72] .
ونبينَا محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وعلَى إخوانهِ المرسلينَ، كانَ يقولُ عندَ الكربِ: "لَا إلهَ إلاَّ اللَّهُ العظيمُ الحليمُ، لَا إلهَ إلَا اللَّهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لَا إلهَ إلاَّ اللَّهُ ربُّ السَّمواتِ وربُّ الأرضِ، وربّ العرش الكريمِ" (¬1) .
فجميعُ هؤلاءِ الأنبياءِ والمرسلينَ وغيرهم منْ أنبياءِ اللّهِ ورسلهِ عليهِم الصّلاةُ والسّلامُ كانُوا يعترفونَ بربوبيةِ اللّهِ تعالَى، ويدعونهُ بهَا وهم أتمُ النَّاسِ معارفَ، وأكملهم عقولًا، وأصدقهم حديثًا، وأعرفهم باللّهِ تعالَى وبصفاتهِ منْ سائرِ خلقهِ في هذهِ الأرضِ.
3 - إيمانُ البلايينِ منَ العلماءِ والحكماءِ بربوبيَتهِ تعالَى لهم، ولكل شيءٍ، واعترافهم بهَا، واعتقادهم إيَّاهَا اعتقادًا جازمًا.
4 - إيمانُ البلايينِ والعددِ الَّذِي لَا يحصَى منْ عقلاءِ البشرِ وصالحيهم بربوبيَّتهِ تعالَى لجميعِ الخلائقَ.
الأدلةُ العقليَّةُ:
منَ الأدلةِ العقليةِ المنطقيةِ السليمةِ علَى ربوبيَتهَ عز وجل لكلِّ شيء مَا يلي:
1- تفردهُ تعالَى بالخلقِ لكلِّ شيءٍ؛ إذ منَ المسلَّمِ بهِ لدَى كل البشرِ أنَّ الخلقَ والإبداعَ لم يدعِهمَا أَو يقوَ عليهمَا أحدٌ سوَى اللّهِ عز وجل، ومهمَا كانَ الشَّيءُ المخلوقُ صغيرًا وضئيلًا، حتَّى ولوْ كانَ شعرةً فيِ جسمِ إنسانٍ أوْ حيوانٍ، أو ريشةً صغيرةً فيِ جناحِ طائِرٍ، أوْ ورقةً فيِ غصنٍ مائلٍ،
¬__________
(¬1) رواه البخاري (8/ 93) . ورواه مسلم (21) كتاب الذكر والدعاء.
الصفحة 11