كتاب منهاج المسلم

3 - اتصَّافهُ عز وجل دونَ غيرهِ بصفاتِ الكمالِ المطلقِ، ككونهِ تعالَى قويًّا قديرًا، عليًّا كبيرًا، سميعًا بصيرًا، رؤوفًا رحيمًا، لطيفًا خبيرًا، موجبٌ لهُ تأليهَ قلوبِ عبادهِ لهُ بمحبَّتهِ وتعظيمهِ، وتأليه جوارحهم لهُ بالطاعةِ والانقيادِ.

الفصلُ الرَّابعُ: الإيمانُ بأسمائهِ تعالَى وصفاتهِ
يؤمنُ المسلمُ بمَا للّهِ تعالَى منْ أسماءٍ حسنَى، وصفاتٍ عليَا، ولَا يشركُ غيرهُ تعالَى فيهَا، ولَا يتأوَّلهَا فيعطِّلهَا، ولَا يشبههَا بصفاتِ المحدثينَ فيكيفها أوْ يمثِّلها، وذلكَ محالٌ، فهوَ إنّمَا يثبتُ للهِ تعالَى مَا أثبتَ لنفسهِ، وأثبتهُ لهُ رسولهُ منَ الأسماءِ والصِّفاتِ، وينفِي عنهُ تعالَى مَا نفاهُ عنْ نفسهِ، ونفاهُ عنهُ رسولهُ من كلِّ عيب ونقص، إجمالاً وتفصيلاً وذلكَ للأدلّةِ النّقليةِ والعقْليّةِ الآتيةِ:

الأدلةُ النقليَّةُ:
1- إخبارهُ تعالَى بنفسهِ عنْ أسمائهِ وصفاتهِ، إذْ قالَ تعالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ (¬1) فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) } [الأعراف: 180] . وقال سبحانهُ: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] .
كما وصفَ نفسهُ بأنهُ سميعٌ بصير، وعليمٌ حكيمٌ، وقويٌّ عزيزٌ، ولطيفٌ خبيرٌ، وشكورٌ حليمٌ، وغفورٌ رحيمٌ، وأنَّهُ كلَّمَ موسَى تكليمًا، وأنَّهُ استوَى علَى عرشهِ، وأنَّهُ خلقَ بيديهِ، وأنّهُ يحب المحسنينَ، ورضيَ عنِ المؤمنينَ، إلَى غيرِ ذلكَ منْ الصِّفاتِ الذاتيَّةِ والفعليَّةِ، كمجيئهِ تعالَى ونزولهِ وإتيانهِ، ممَا أنزلهُ فيِ كتابهِ، ونطقَ بهِ رسولهُ - صلى الله عليه وسلم -.
2 - إخبارُ رسولهِ - صلى الله عليه وسلم - بذلكَ فيمَا وردَ وصحَّ عنهُ منْ أخبارٍ صحيحةٍ وأحاديثَ صريحةٍ كقولهِ - صلى الله عليه وسلم - "يضحكُ اللهُ إلَى رجلينِ يقتلُ أحدهمَا الآخرَ، كلاهمَا يدخلُ الجنةَ" (¬2) .
وقولهِ: "لَا تزالُ جهنمُ يلقَى فيهَا، وهيَ تقولُ: هلْ منْ مزيد؟ حتَّى يضعَ رب العزَّةِ فيهَا رجلهُ -وفي رواية: قدمهُ- فينزوِي بعضهَا إلَى بعض فتقولُ قطْ قطْ" (¬3) . وقوله - صلى الله عليه وسلم - "ينزلُ ربنا إلَى الَسماءِ الدنيَا كل ليلةٍ حينَ يبقي ثلثُ اللَّيلِ الآخر فيقولُ: "منْ يدعوني فأستجيبَ لهُ؟.
¬__________
(¬1) يميلونَ بهَا عنِ الحق وينحرفونَ.
(¬2) رواه البخاري (4/ 29) ورواه مسلم (3/ 1504) كتاب الإمارة.
(¬3) رواه البخاري (8/ 168) ورواه مسلم (4/ 2187) كتاب الجنة.

الصفحة 15