كتاب منهاج المسلم
الأدلةُ العقليةُ:
1- اشتمالُ القرآنِ الكريمِ علَى العلومِ المختلفةِ الآتيةِ، معَ أن صاحبهُ المنَّزلَ عليهِ أمِّي لم يقرأ ولم يكتبْ قط، ولم يسبقْ لهُ أنْ دخلَ كتَّابًا ولَا مدرسةً البتَّةَ:
1- العلومُ الكونيّةُ.2 - العلومُ التَّاريخيَّةُ.
3 - العلومُ التَّشريعيَّهُ والقانونيَّةُ.4 - العلومُ الحربيَّةُ والسِّياسيَّةُ.
فاشتمالهُ علَى هذهِ العلومِ المختلفةِ دليل قوي علَى أنهُ كلامُ اللّهِ تعالَى ووحي منهُ؛ إذِ العقلُ يُحيلُ صدورَ هذهِ العلومِ عنْ أمي لم يقرأْ ولم يكتبْ قط.
2 - تحدي اللهِ منزلهِ الإنسَ والجنَّ علَى الإتيانِ بمثلهِ بقولهِ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] .
كمَا تحدَّى فصحاءَ العربِ وبلغاءهم علَى الإتيانِ بعشرِ سورٍ منْ مثلهِ، بلْ بسورة واحدة فعجزُوا ولم يستطعُوا.
فكانَ هذَا أكبرَ دليلٍ وأقوَى برهانٍ على أنهُ كلامُ اللّهِ وليسَ منْ كلامِ البشرِ في شيء.
3 - اشتمالهُ علَى أخبارِ الغيبِ العديدةِ، والَّتي ظهرَ بعضهَا طبقَ ما أخبرَ بلَا زيادةٍ ولَا نقصٍ (¬1) .
4 - ما دامَ قدْ أنزلَ اللّهُ كتباً أخرَى علَى غيرِ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - كالتَّوراةِ علَى موسَى، والإنجيلِ علَى عيسَى - صلى الله عليه وسلم -؛ لمَ يُنكَر أنْ يكونَ القرآنُ قدْ أنزلهُ اللّهُ تعالَى، كمَا أنزلَ الكتبَ السابقةَ لهُ.
وهلِ العقلُ يُحيلُ نزولَ القرآنِ أوْ يمنعهُ؟ لا. بلِ العقلُ يحتمُ نزولهُ ويوجبهُ.
5 - قدْ تُتبعتْ تنبّؤاتهُ فكانتْ وفقَ مَا تنبَّأَ بهِ تمامًا، كمَا قدْ تتبعتْ أخبارهُ فكانتْ طبقَ مَا قصَّهُ وأخبرَ بهِ سواء بسواء، كما جربتْ أحكامهُ وشرائعهُ وقوانينهُ فحقَّقتْ كل مَا أريدَ منهَا منْ أمنٍ وعزةٍ وكرامةٍ (¬2) ، وعلمٍ وعرفانٍ، يشهدُ بذلكَ تاريخُ دولةِ الراشدينَ رضوانُ اللّهُ عليهم.
وأي دليلٍ يطبُ بعدَ هذَا علَى كونِ القرآنِ كلامُ اللّهِ ووحيهُ أنزلهُ علَى خيرِ خلقهِ وخاتمِ أنبيائهِ ورسلهِ؟.
¬__________
(¬1) منْ ذلكَ: إخبارهُ بأن الرومَ ستغلبُ الفرسَ في بضع سنيَن، وكانت يومئذ مغلوبة للفرسِ مهزومة أمامهَا، ولم تمضِ بضعُ سنينَ حتى غلبتِ الرومُ فارسَ. قالَ تعالَى: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: 1 - 4] .
(¬2) مصداقُ ذلكَ: ما حدثَ في المملكة العربية السعوديةِ فقدْ اختل الأمنُ في أرضِ الحجازِ وعمت الفوضى وكثرَ السَّلبُ والنهب حتى أصبَح الحاج لَا يأمنُ علَىَ مالهِ ولَا علَى نفسه، ومَا إن أُعلنَ عنْ دولة القرآنِ حتى عم البلادَ أمن شامل لم ترَ مثله منذُ أن كانتْ دولةُ الراشدين - رضي الله عنهم -.
الصفحة 23