كتاب منهاج المسلم

الفصُل الثَّامنُ: الإيمانُ بالرُّسلِ عليهمُ السَّلامُ
يؤمنُ المسلمُ بأنَّ اللّهَ تعالَى قدْ اصطفَى منَ النَّاسِ رسلًا وأوحَى إليهم بشرعهِ وعهدَ إليهم بإبلاغهِ لقطعِ حجَّهِ النَّاسِ عليهِ يومَ القيامةِ، وأرسلهم بالبيناتِ وأيَّدهم بالمعجزاتِ، ابتدأهم بنبيهِ نوحٍ وختمهم بمحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
وأنَّهم وإنْ كانُوا بشرًا يجرِي عليهمُ الكثير منَ الأعراضِ البشريَّةِ فيأكلونَ ويشربونَ، ويمرضُونَ ويصحُّونَ، وينسونَ ويذكرونَ، ويموتونَ ويحيونَ، فهم أكملُ خلقِ اللّهِ تعالَى علَى الإِطلاقِ، وأفضلهم بلَا استثناءٍ، وأنَّهُ لَا يتم إيمانُ عبدٍ إلاَّ بالإيمانِ بهم جميعًا، جملةً وتفصيلًا؛ وذلكَ للأدلَّةِ النقليَّةِ والعقليَّة الآتيةِ:

الأدلةُ النقليةُ:
1- إخبارهُ تعالَى عنْ رسلهِ، وعنْ بعثتهم ورسالاتهم فيِ قولهِ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] {اَللَّهُ يَصطَفِى مِن الملائكة رُسُلاً وَمِن اَلنَّاسِ إِن اَللَهَ سَمِيعُ بَصير} [الحج 75] . وفي قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا /وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) } [النساء: 165] وفي قوله: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] ، وفيِ قولهِ: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] . وفي قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20) } [الفرقان: 20]
وَفيِ قَوْلِهِ: {وَلَقَد ءَاتينا مُوسَى تسعَ ءايات بينات فسئل بني إسرائيل إذ جائهم} الآية [الإسراء: 101] . وَفيِ قَولِهِ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8) } [الأحزاب: 7 - 8] .

2 - إخبارُ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - عنْ نفسهِ وعنْ إخوانهِ منَ الأنبياءِ والمرسلينَ فيِ قولهِ: "مَا بَعَثَ اللّهُ

الصفحة 24