كتاب منهاج المسلم
مِن نبي إلاَّ أنذرَ قومهُ الأعورَ الكذَّابَ" (¬1) المسيحَ الدّجَّالَ. وفيِ قولهِ: "لَا تفاضلُوا بينَ الأنبياءِ" (¬2) . وفيِ قولهِ لماَّ سألهُ أبو ذر عنْ عددِ الأنبياءِ والمرسلينَ منهم فقالَ: "مائةٌ وعشرونَ ألفًا والمرسلونَ منهم ثلاثمائة وثلاثةَ عشرَ" (¬3) ، وفيِ قولهِ: "والَّذِي نفسِي بيدهِ لو أنّ موسَى كانَ حيًّا مَا وسعهُ إلاَّ أنْ يتّبعنيِ" (¬4) . وفي قولهِ: "ذاكَ إبراهيمُ" لماَّ قيلَ لهُ: يا خيرَ البريَّةِ؛ تواضعًا منهُ - صلى الله عليه وسلم -. وفي قولهِ: "مَا كانَ لعَبد أنْ يقولَ إنِّي خيرٌ منْ يونسَ بنِ متَّى" (¬5) ، إخبارهِ - صلى الله عليه وسلم - عنهم ليلًة الإسراءِ إذْ جُمعوا لهُ هناكَ ببيتِ المقدسِ وصلَّى بهم إمامًا لهم، كمَا أنّهُ وجدَ فيِ السّمواتِ يحيىَ وعيسَى ويوسفَ، وإدريسَ وهارونَ، وموسَى وإبراهيمَ، وأخبر عنهم وعمَّا شاهدهُ منْ حالهم.
وفيِ قولهِ: "وإنَّ نبي اللّهِ داودَ كانَ يأكلُ منْ عملِ يدهِ" (¬6) .
3 - إيمانُ البلاييِن منَ البشرِ منَ المسلمينَ وغيرهم منْ أهلِ الكتابِ منْ يهودَ ونصارَى برسلِ اللّهِ وتصديقهم الجازمُ برسالاتهم واعتقادهم كمالَهُم واصطفاءَ اللّهِ لهم.
الأدلةُ العقليةُ:
1- ربوبيَّتهُ ورحمتهُ تعالَى، تقتضيانِ إرسالَ رسل منهُ إلَى خلقهِ ليعرفوهم بربِّهم، ويرشدوهم إلَى ما فيهِ كمالهم الإنساني، وسعادتهم فيِ الحياتينِ الأولَى والثَّانيةِ.
2 - كونهُ تعالَى خلقَ الخلقَ لعبادتهِ، إذْ قالَ: (وَما خلقتُ الِجْنَّ وَاَلإنس إِلا لِيعبدونِ) [الذَّارياتُ: 56] فهذَا يقتضِي اصطفاءَ الرسلِ وإرسالهم ليعلموا العبادَ كيف يعبدونهُ تعالَى ويطيعونهُ، إذْ تلكَ هيَ المهمَّةُ الَّتي خلقهم منْ أجلها.
3 - إن كونَ الثَّوابِ والعقابِ مرتَّبينِ عَلى آثارِ الطَّاعةِ والعصيةِ في النَّفسِ بالتطهيرِ والتَّدسيةِ أمرٌ يقتضِي إرسالَ الرسلِ، وبعثةَ الأنبياءِ، لئلَّا يقولَ الناسُ يومَ القيَامةِ: إنَّنَا يَا ربَّنا لمْ نعرفْ وجهَ طاعتكَ حتَّى نطيعكَ، ولم نعرفْ وجهَ معصيتك حتَّى نتجنَّبَها، ولَا ظُلمَ اليومَ عندكَ، فلَا تعذبنَا.. فتكونَ لهمُ الحجَّةُ علَى اللّهِ تعالَى. فكانتْ هذه حالاً اقتضتْ بعثةَ الرسلِ لقطعِ الحجّةِ علَى الخلقِ، قالَ تعالَى: (رُّسُلاً مبَشِرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يكوُنَ لِلنَّاسِ عَلَى اَللهِ حجة بَعدَ اَلرسُل وَكاَنَ اَللهُ عَزيزًا حكيمُاً) [النساءُ: 165] .
¬__________
(¬1) رواه البخاري (9/ 148) وذُكرَ في فتحِ البارِي (13/ 389) كتاب التوحيد.
(¬2) رواه البخاري (4/ 194) ومسلم كتاب الفضائل (42) .
(¬3) هذَا بعضُ حديث أخرجهُ ابنُ حبان في صحيحه.
(¬4) رواه الإمام أحمد في مسنده (3/ 387) ومجمع الزوائد (1/ 173) ، (8/ 262) .
(¬5) رواهُ أحمدُ وهوَ فيِ الصحيحينِ عنْ أبي هريرةَ.
(¬6) صحيح البخاري (3/ 74) .
الصفحة 25