كتاب منهاج المسلم
جميعًا ليحاسبهم فيجزِي الأبرارَ بالنعيمِ المقيمِ فيِ الجنَّةِ، ويجزِي الفجَّارَ بالعذابِ المهيِن في النارِ. وأنَّهُ يسبقُ هذَا أشراطُ الساعةِ وأماراتهَا، كخروجِ المسيحِ الدَّجّالِ، ويأجوجَ ومأجوجَ، ونزولِ عِيسى - صلى الله عليه وسلم - وخروجِ الدَّاّبةِ، وطلوعِ الشَّمسِ منْ مغربهَا.. وغيرِ ذلكَ منَ الآياتِ، ثمَّ ينفخُ في الصُّورِ نفخةُ الفناءِ والصّعقِ، ثمَّ نفخةُ البعثِ والنّشورِ والقيامِ لرَب العالمينَ، ثمَّ تعطَى الكتب، فمِنْ آخذٍ كتابَهُ بيمينهِ، ومنْ آخذ كتابَهُ بشمالهِ، ويوضعُ الميزانُ، ويجرِي الحسابُ، وينصَبُ الصِّراطُ، وينتهِي الموقفُ الأعظمُ باستقرارِ أهلِ الجنَّةِ في الجنَّةِ، وأهلِ النَّارِ في النَّاِر، وذلكَ للأدلَّةِ النقليَّةِ والعقْليةِ التّاليةِ:
الأدلةُ النقليةُ:
1- إخبارهُ تعالَى عنْ ذلكَ فيِ قولهِ: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) } [الرحمن: 26 - 27] وفيِ قوله: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ /كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) } [الأنبياء] قوله: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) } [التغابن: 7] . وفي قوله: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) ليوم عظيم (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) } [المطففين] وفيِ قولهِ: (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) } [الشورى: 7] {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) } [الزلزلة: 1 - 8] وفي قولهِ لَا إلهَ إلاَّ هوَ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) } [النمل: 82] {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ (¬1) يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء] . وفي قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (¬2) (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ
¬__________
(¬1) الحدب: المرتفعُ منَ الأرضِ، وينسلوَن: يسرعونَ النزولِ معهُ.
(¬2) يضجُّونَ فرحاً وضحكًا.
الصفحة 32