كتاب منهاج المسلم
خلافِ مَا كانَ يظنُّ.
وحكمُ هذهِ اليمينُ أنهَا لَا إثمَ فيهَا ولَا كفَّارةَ تجبُ علَى قائلهَا؛ لقولهِ تعالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] .
جـ- اليمينُ المنعقدةُ: وهيَ الّتي يُقصدُ عقدهَا علَى أمرٍ مستقبلٍ كأنْ يقولَ المسلمُ: واللّهِ لأفعلنَّ كذَا ... أوْ واللّهِ لَا أفعلُ كذَا.. فهذهِ هيَ اليمينُ الّتي يؤاخذُ فيهَا الحانثُ؛ لقولهِ تعالَى: {...... وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} .
وحكمهَا: أنَّ منْ حنثَ فيهَا آثمٌ. ووجبتْ عليهِ كفَّارة لذلكَ، فإنْ فعلهَا سقطَ الإثمُ عنهُ وزالَ.
4 - مَا تسقطُ بهِ الكفَّارةُ: تسقطُ الكفارةُ والإثمُ علَى حالفِ اليميِن بأمرينِ:
1- أنْ يفعلَ المحلوفَ علَى فعلهِ، أوْ يتركَ المحلوفَ علَى تركهِ، أوْ يفعلَ مَا حلفَ علَى تركهِ أوْ يتركَ مَا حلفَ علَى فعلهِ ولكنْ ناسيًا أوْ مخطئًا أوْ مكرهًا؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "رفعَ عنْ أمتي الخطأ والنِّسيانُ ومَا استكرهُوا عليهِ" (¬1) .
ب- أنْ يستثنيَ حالَ حلفهِ بأنْ يقولَ: إنْ شاءَ الله، أوْ إلَّا أنْ يشاءَ الله، إذَا كانَ الاستثناءُ بالمجلسِ الذِي حلفَ فيه؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ حلفَ فقالَ: إنْ شاءَ اللَّهُ لم يحنثْ" (¬2) . وإذَا لم يحنثْ فلَا إثمَ عليهِ ولَا كفارةَ.
5 - استحبابُ الحنثِ فيِ أمورِ الخيرِ: يستحبُّ للمسلمِ إذَا حلفَ علي تركِ أمرٍ منْ أمورِ الخيرِ أنْ يأتيَ مَا حلفَ علَى تركهِ، ويكفِّرَ عنْ يمينهِ؛ نقولهِ تعالَى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] . وقولِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا حلفتَ علَى يمينٍ فرأيتَ غيرهَا خيرًا منهَا فكفر عنْ يمينكَ وأتِ الَّذِي هوَ خيرٌ" (¬3) .
6 - وجوبُ إبرارِ القسمِ: إذَا حلفَ المسلمُ علَى أخيهِ أنْ يفعلَ كذَا وجبَ عليهِ أنْ يبرَّ قسمهُ، وأنْ لَا يتركهُ يحنثُ إذَا كانَ فيِ إمكانهِ فعلُ أوْ تركُ مَا حلفَ لهُ عليهِ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - للمرأةِ الَّتي أهديَ إليهَا تمرٌ فأكلتْ بعضَهُ وتركتْ بعضًا فحلفتْ لهَا المهديةُ أنْ تأكلَ باقيهُ، فامتنعتْ؛ فقالَ لهَا النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أبريهَا فإن الإثمَ علَى المحنثِ" (¬4) .
¬__________
(¬1) سبق تخريجه.
(¬2) رواه الترمذي (1532) . ورواه النسائي (7/ 25، 31) . ورواه الإمام أحمد (2/ 309) . وفيهِ ضعف، والجمهورُ علَى العمل بهِ لماَ يشهدُ لهُ من رواية أبي داودَ في ابنِ عمرَ مرفوعًا: "من حلفَ علَى يمين فقالَ: إن شاءَ الله فقدِ استثنَى" أبُو داودَ في النذورِ (11) .
(¬3) رواه مسلم في الأيمان (19) .
(¬4) رواه الإمام أحمد (6/ 114) ورجالهُ رجالُ الصحيحِ.
الصفحة 393