كتاب منهاج المسلم

ويحرمُ إذَا كانَ لغيرِ وجهِ اللّهِ تعالَى كالنذرِ لقبورِ الأولياءِ أوْ أرواحِ الصَّالحينَ كأنْ يقولَ: يَا سيدِي فلانٌ إنْ شفَا الله مريضِي ذبحتُ علَى قبركَ كذَا أوْ تصدقتُ عليكَ بكذَا؛ إذْ هذَا منْ صرفِ العبادةِ لغيرِ اللّهِ تعالَى، وذلكَ الشِّركُ الذِي حرمهُ اللّهُ تعالَى بقولهِ: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] .
3 - أنواعهُ: للنذرِ أنواعٌ، وهيَ:
1- النذرُ المطلقُ، وهوَ الخارجُ مخرجَ الخبرِ نحوَ قولِ المسلمِ: للّهِ علي صومُ ثلاثة أيامٍ أوْ إطعامُ عشرةِ مساكينَ مثلًا، يريدُ بذلكَ التقربَ إلَى اللّهِ تعالَى.
وحكمُ هذَا النوعِ منَ النذرِ وجوبُ الوفاءِ بهِ؛ لقولهِ تعالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91] . وقولهِ سبحانهُ: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] .
ب- النذرُ المطلقُ غيرُ المعينِ، كقولِ المسلمِ: للهِ عليَّ نذرٌ ولم يذكرِ النّذرَ. وحكمهُ أنهُ يجبُ عليهِ فيِ الوفاءِ بهِ كفّارةُ يمين؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كفارةُ النذرِ إذَا لم يسمِّهِ كفَّارةُ يمينٍ (¬1) ".
وقيلَ يجزئهُ فيهِ أقل مَا يسمى نذرًا كصلاةِ ركعتينِ أوْ صيامِ يومٍ.
ج- النذرُ المقيدُ بفعلِ الخالقِ وهوَ الخارجُ مخرجَ الشرطِ. كقولِ المسلمِ: إنْ شفَا اللّهُ مريضِي أوْ رد غائبِي أطعمتُ كذَا مسكينًا، أوْ صمتُ كذَا يومًا.
وحكمهُ معَ أنّهُ مكروهٌ يجبُ الوفاءُ بهِ، فإذَا مَا قضَى اللّهُ حاجتهُ وجبَ عليهِ فعلُ مَا سمَّاهُ منَ العبادةِ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ نذرَ أنْ يطعَ اللَّهَ فليطعْهُ" (¬2) . وإنْ لم يقضِ الله حاجتهُ فلَا وفاءَ عليهِ.
د- النَّذرُ المقيدُ بفعلِ المخلوقِ وهوَ نذرُ اللَّجاجِ كقولهِ: أصومُ شهرًا إنْ فعلتَ كذَا وكذَا، أوْ وقعَ كذَا وكذَا، أوْ أُخرجُ منْ مالي كذَا إنْ فعلتَ كذَا.
وحكمهُ أنهُ يخيرُ بينَ الوفاءِ بهِ وكفَّارةِ يمينٍ إذَا هوَ حنثَ فيمَا علَّقَ النَّذرَ عليهِ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا نذرَ في غضب، وكفارتهُ كفارةُ يمينٍ" (¬3) . إذْ نذرُ اللَّجاجِ غالبًا لَا يكونُ إلاَّ معَ غضبٍ، ويرادُ بهِ منعُ المخاطبِ منْ فعلِ شيءٍ، أوْ تركهِ.
هـ- نذرُ المعصيةِ، وهوَ أنْ ينذرَ فعلَ محرمٍ، أو تركَ واجبٍ كأنْ ينذرَ ضربَ مؤمنٍ، أوْ تركَ صلاةٍ مثلًا.
¬__________
(¬1) رواه الترمذي (1528) .
(¬2) رواه البخاري (8/ 177) .
(¬3) رواه أبو داود في الأيمان والنذور (41) . ورواه النسائي (7/ 28، 29) . ورواه الإمام أحمد (4/ 433) .

الصفحة 395