كتاب منهاج المسلم

وحكمهُ أنْ يحرمَ الوفاءُ بهِ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ نذرَ أنْ يطعَ اللهَ فليطعهُ ومنْ نذرَ أنْ يعصيهُ فلَا يعصهِ" (¬1). غيرَ أن بعضَ أهلِ العلمِ رأوْا أن علَى صاحبهِ كفارةَ يمينٍ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا نذرَ فيِ معصيةٍ، وكفارتهُ كفارةُ يمين" (¬2).
و- نذرُ مَا لَا يملكُ المسلمُ، أوْ ما لَا يطيقُ فعلهُ، كأنْ ينذرَ عتقَ عبدِ فلانٍ، أوِ التّصدُّقَ بقنطارٍ منَ الذهبِ مثلًا، وحكمهُ أنَّ فيهِ كفارةَ؛ لحديث: "لَا نذرَ فيمَا لَا يملكُ" (¬3).
ز- نذرُ تحريم مَا أحل اللّهُ تعالَى كأنْ ينذرَ تحريمَ طعامٍ أوْ شرابٍ مباحيِن، وحكمهُ أنَّهُ لَا يحرمُ شيئًا مما أحل الله سوَى الزوجةِ، فمنْ نذرَ تحريمهَا وجبَ عليهِ كفارةُ ظهارٍ؛ ومَا عدَا الزوجةِ ففيهِ كفارةُ يمينٍ.

[تنبيهانِ]:
* منْ نذرَ كل مالهِ يجزئهُ الثُّلثَ منهُ إنْ كانَ النذرُ مطلقًا؛ وإنْ كانَ النّذرُ نَذْرَ لجَاجٍ يكفيهِ فيهِ كفارةُ يمينٍ فقطْ.
* منْ نذرَ طاعةَ وماتَ قامَ وليهُ بهَا نيابة عنهُ؛ لماَ صحَّ أن امرأةً قالتْ لابنِ عمرَ أنَّ أمهَا نذرتِ الصلاةَ فيِ مسجدِ قباءٍ ثم ماتت فأمرهَا أنْ تصلِّيَ عنهَا بمسجدِ قباءٍ.
****

الفصلُ التَّاسعُ: فِي الذَّكاةِ، والصَّيدِ، والطَّعامِ، والشَّرابِ
وفيما ثلاثُ مواد:

المادةُ الأولَى: فِي الذكاةِ:
1 - تعريفهَا: الذكاةُ ذبحُ مَا يذبحُ منَ الحيوانِ المباحِ الأكلِ، ونحر مَا ينحر منهُ.
2 - بيانُ مَا يذبحُ ومَا ينحرُ: الغنمُ من ضأنٍ ومعزٍ، وكذَا سائر أنواعِ الطيرِ منْ دجاجٍ وغيرهِ تذبحُ ولَا تنحر. قالَ اللّهُ تعالَى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)} -أي كبش-[الصافات: 107].
والبقرُ يذبحُ؛ لقولهِ تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67]، ويجوزُ نحرهَا (¬4)؛ إذْ ثبتَ نحرهَا عنِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن لهَا موضعين لتذكيتهَا، موضعُ ذبحٍ وموضعُ
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد (6/ 36، 41). ورواه الترمذي (1526). ورواه أبو داود (3289). ورواه ابن ماجه (2126).
(¬2) رواه أبو داود (3290) بِلَفْظِ: " ... ولَا فيمَا لَا يملكُ ابنُ آدمَ وسندهُ لَا بأسَ به.
(¬3) رواه عبد الرزاق في مصنفه (9715). ورواه النسائي (7/ 29).
(¬4) أيِ البقرةُ فالضميرُ عائد إلَى واحدةِ البقر.

الصفحة 396