كتاب منهاج المسلم

مقَدِّمَةُ الطَّبعَةِ الْأَولَى
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وإلهِ الأوَّلينَ والآخرينَ، وصلاةُ اللهِ وسلامهُ ورحماتهُ وبركاتهُ على صفوةِ خلقهِ، وخاتمِ أنبيائهِ ورسلهِ، سيِّدنَا محمَّد وآله الطَّاهرينَ، وصحابتهِ أجمعينَ. ورحمةُ اللّهِ ومغفرتهُ للتَّابعينَ، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.
وبعدُ.. فقدْ سألني بعضُ الإخوةِ الصَّالحين منْ مدينةِ "وُجْدةَ" بالبلادِ المغربيةِ، أيَّام زيارتي لتلكَ الدِّيارِ الإسلاميَّة، سألني بمناسبةِ دعوتي الإخوانَ إلى الكتابِ والسُّنَّةِ، والتَّمسُّكِ بهما؛ لأنهما سبيلُ نجاةِ المسلمينَ، ومصدرُ القوةِ والخيرِ لهم فيِ كلِّ زمان ومكانٍ.
سألني ذلكَ البعضُ المؤمنُ أنْ أضعَ للفئاتِ المؤمنةِ هناكَ، والجماعةِ الصَّالحةِ في تلكَ الرُّبوعِ كتابًا أشبهَ بمنهاجٍ أو قانونٍ، يشملُ كلَّ ما يهمُّ المسلمَ الصَّالحَ في عقيدتهِ، وَآدابِ نفسهِ، واستقامةِ خلقهِ وعبادتهِ لربِّهِ، ومعاملتهِ لإخوانهِ، علَى أنْ يكونَ الكَتابُ قبسًا منْ نورِ اللّهِ (¬1) ، وفلقةً منْ شمسِ الحكمةِ المحمَّديَّةِ، فلا يخرجُ عنْ دائرةِ الكتابِ والسُّنَّةِ، ولا يعدُو هالتهمَا، ولا ينفصلُ عنْ مركزِ إشعاعهمَا بحالٍ منَ الأحوالِ..
وأجبتُ الإخوةَ الصَّالحينَ إلَى مَا طلبُوا، فاستعنتُ اللهَ عز وجل فيِ وضعِ الكتابِ المطلوبِ، أوِ المنهاجِ المرغوبِ، وأخذتُ من يومِ عودتي إلَى الدِّيارِ المقدَّسةِ فيِ الجمعِ والتَّأليفِ، والتَّنقيحِ والتصحيحِ، علَى قلَّةِ فراغِي وانشغالِ بالي. وقدْ باركَ اللّهُ تعالَى فيِ تلكَ السُّويعاتِ الأسبوعيَّةِ التي كنتُ أختلسهَا منْ جيب أيَّامِي المليئةِ بالهمِّ والتفكيرِ، فلم يمضِ سوَى عاميِن اثنيِن حتَّى تمَّ وضعُ الكتابِ علَى الوجهِ الذِي رجوتُ، والصورةِ الَّتي أملهَا الإخوانُ.
وهَا هوَ الكتابُ يقدَّم إلَى الصَّالحينَ منْ إخوةِ الإسلامِ في كلِّ مكانٍ. يقدَّمُ كتابًا، ولوْ لمْ أكنْ مؤلِّفهُ وجامعهُ، لوصفتهُ بمَا عساهُ أنْ يزيدَ فيِ قيمتهِ، وَيكثرَ منَ الرغبةِ فيهِ، والإقبالِ عليهِ، ولكنْ حسبِي منْ ذلكَ ما أعتقدُ فيهِ: أنَّهُ كتابُ المسلمِ الذِي لَا ينبغِي أنْ يخلوَ منهُ بيتٌ مسلمٌ.
هذَا، والكتابُ يشتملُ علَى خمسةِ أبوابٍ، فيِ كل بابٍ عدَّةُ فصولٍ، وفيِ كلِّ فصلٍ منْ
¬__________
(¬1) المرادُ بنور الله: كتابهُ الكريمُ؛ لأنه سماهُ نوراً في قولهِ عز وجل (فأمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) .

الصفحة 4