كتاب منهاج المسلم

أعضائهِ، أوْ إصابتهِ بجرح فيِ جسمهِ.
2 - حكمهَا: يحرمُ بدونِ حق إزهاقُ روحِ الإنسانِ، أوْ إتلاف عضو منْ أعضائهِ، أوْ إصابتهُ بأيِّ أذى فيِ جسدهِ، فليسَ بعدَ الكفرِ ذنبٌ أعظمُ منْ قتلِ المؤمنِ؛ لقولهِ تعالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] . وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أوَّلُ مَا يقضَى بينَ الناسِ يومَ القيامةِ في الدِّماءِ" (¬1) . وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لنْ يزالَ المؤمنُ فيِ فسحةٍ منْ دينهِ مَا لم يصبْ دمًا حرامًا" (¬2) .
3 - أنواعُ الجنايةِ علَى النفسِ: الجنايةُ علَى النفسِ ثلاثةُ أنواعٍ وهيَ:
1 - العمدُ: وهوَ أنْ يقصدَ الجاني قتلَ المؤمنِ أوْ أذيتهُ، فيعمدَ إليهِ فيضربَهُ بحديد، أوْ عصا، أوْ حجرٍ، أوْ يلقيَهُ منْ شاهق، أوْ يُغرقَهُ فيِ ماءٍ، أوْ يحرقَهُ بنارٍ، أوْ يخنقَهُ، أوْ يطعمَهُ سمًّا فيموتَ بذلكَ، أوْ يصابَ بتلفٍ فيِ أعضائهِ، أوْ جرح فيِ بدنهِ.
وحكم هذهِ الجنايةِ العمدِ أنها توجبُ القودَ (القصاصَ) ؛ لقولهِ تعالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] . وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ قتلَ لهُ قتيل فهوَ بخيرِ النَّظرينِ، إمَّا أنْ يودَى، وإمَّا أنْ يقادَ" (¬3) . وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ أصيبَ بدم أوْ خبلٍ -أيْ جرحٍ- فهوَ بالخيارِ بينَ إحدَى ثلاثٍ: إما أنْ يقتصَّ أوْ يأخذَ العقلَ -أيِ الديةَ- أوْ يعفُو، فإنْ أرادَ رابعةً فخذُوا علَى يديهِ" (¬4) .
2 - شبهُ العمدِ: وهوَ أنْ يقصدَ الجنايةَ دونَ القتلِ، أوِ الجرحَ كأنْ يضربَهُ بعصًا خفيفة لَا تقتلُ عادة، أو يلكمَهُ بيدهِ، أو يضربَهُ برأسهِ، أو يرميَهُ في قليلِ ماء، أو يصيحَ فيِ وجههِ، أوْ يهدِّدَهُ فيموتَ لذلكَ.
وحكمُ هذَا النَّوعِ منَ الجنايةِ أنْ يوجبَ علَى الجاني الديةَ علَى عاقلتهِ، والكفارَّةَ عليهِ؛ لقولهِ تعالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92] .
3 - الخطأُ: وهوَ أنْ يفعلَ المسلمُ مَا يباحُ لهُ فعلهُ منْ رمايةٍ أوِ اصطياد، أوْ تقطيعِ لحمِ حيوان
¬__________
(¬1) رواه البخاري (8/ 138) . ورواه النسائي (7/ 84) . ورواه ابن ماجه (2615، 2617) . ورواه الإِمام أحمد (1/ 388) .
(¬2) رواه الإمام أحمد (2/ 94) . ورواه الحاكم (4/ 351) .
(¬3) رواه البخاري (3/ 165) . ورواه مسلم في الحج (447، 448) . ورواه الترمذي (1405) .
(¬4) رواه الإمام أحمد (4/ 31) . ورواه ابن ماجه (2623) . ورواه الدارمي (2/ 188) . وفيِ سندهِ ضعف، غيرَ أن العملَ بهِ إذْ أصلهُ فيِ الصحيحينِ.

الصفحة 404