كتاب منهاج المسلم
مثلًا فتطيشَ الآلةُ فتصيبَ أحدًا فيموتَ بذلكَ أوْ يُجرحَ.
وحكمُ هذَا النوعِ منَ الجنايةِ كحكمِ النوع الثاني، غيرَ أنَّ الدِّيةَ فيهِ مخففة، وأن الجاني غيرُ آثم بخلافِ شبهِ العمد فإن الديةَ فيهِ مغلّظةَ، والجاني آثم.
المادَّة الثَّانيةُ: فِي أحكامِ الجناياتِ:
أ- شروطُ وجوبِ القصاصِ:
لَا يجبُ القصاصُ في القتلِ أوْ في الأطرافِ أوْ الجراحِ إلاَّ بتوفُّرِ الشروطِ التاليةِ:
1 - أنْ يكونَ المقتول معصومَ الدّمِ، فإنْ كانَ زانيًا محصنًا، أوْ مرتدًّا، أوْ كافرًا فلَا قصاصَ؛ إذْ هؤلاءِ دمهم هدرٌ لجريمتهم.
2 - أنْ يكونَ القاتلُ مكلفًا، أيْ بالغًا عاقلًا، فإنْ كانَ صبيًا أوْ مجنونًا فلَا قصاصَ؛ لعدمِ التكليفِ؛ لقولِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "رفعَ القلمُ عنْ ثلاثةٍ: الصبيَّ حتَّى يبلغَ، والمجنونِ حتى يُفيقَ، والنَّائمِ حتى يستيقظَ".
3 - أنْ يكافئَ المقتولُ القاتلَ فيِ الدينِ والحريّةِ والرق؛ إذْ لَا يُقتلُ مسلم بكافرٍ، ولَا حر بعبدٍ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يقتلُ مسلم بكافر" (¬1). ولأن العبدَ متقوم فيقوّمُ بقيمتهِ، ولقولِ عليَّ - رضي الله عنه -: "منَ السنَّةِ أنْ لَا يقتلَ حر بعبدٍ" وحديثِ ابنِ عباس - رضي الله عنه -: "لَا يقتلُ حرٌّ بعبدٍ" (¬2).
4 - أنْ لَا يكونَ القاتلُ والدًا للمقتولِ أبًا أوْ أمًّا، أوْ جدًّا أوْ جدَّةً؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يقتلُ والد بولدهِ" (¬3).
ب- شروطُ استيفاءِ القصاصِ:
لَا يستوفيِ صاحبُ القصاصِ حقهُ في القصاصِ إلاَّ بعدَ توُّفرِ الشُّروطِ التَّاليةِ:
1 - أنْ يكونَ صاحبُ الحق مكلفًا، فإنْ كانَ صبيًّا أوْ مجنونًا حُبسَ الجاني حتَّى يبلغَ الصَّبي، أوْ يُفيقَ المجنونُ، ثم لهمَا أنْ يقتصَّا أوْ يأخذَا الديةَ أوْ يعفوَا، وقدْ رويَ هذَا عنِ الصحابةِ، رضوانُ اللهِ تعالَى عليهم.
¬__________
(¬1) رواه الإِمام أحمد (1/ 79). ورواه الترمذي (1412، 1413) وهو حسن.
(¬2) رواه البيهقي (8/ 35) بسند حسن. ورواه الدارقطني (3/ 133).
(¬3) رواه الإمام أحمد (1/ 49) وصححه ابنُ الجارودِ. ويرى مالك أن الوالدَ لَا يقتلُ بولده. إذَا كانَ القتلَ غيرَ محظ، أما إذَا كانَ محظا عمدًا عدوانًا كأنْ خنقهُ بحبل أوْ ذبحهُ بموسيّ فإنه يقتلُ به.
الصفحة 405