كتاب منهاج المسلم

2 - أنْ يتَّفقَ أولياءُ الدَّمِ علَى القصاصِ، فإنْ عفَا بعضهم فلَا قصاصَ، ومنْ لمْ يعف فلهُ قسطهُ منَ الدِّيةِ.
3 - أنْ يؤمَنَ فيِ حالِ الاستيفاءِ التعدِّي بأنْ لَا يتعدى الجرحُ مثلَهُ، وأنْ لَا يُقتلَ غيرُ القاتلِ، وأنْ لَا تُقتلَ امرأة فيِ بطنهَا جنينٌ حتى تضعَ وتفطمَ ولدهَا؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - لما قَتلتِ امرأةٌ عمدًا: "لم تُقتلْ حتى تضعَ مَا فيِ بطنهَا إنْ كانتْ حاملًا، وحتَّى تكفِّلَ ولدهَا" (¬1).
4 - أنْ يكونَ الاستيفاءُ بحضرةِ سلطانٍ أو نائبهِ حتَّى يؤمَنَ الحيفُ أوِ التعدِّي.
5 - أنْ يكونَ بآلةٍ حادَّةٍ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا قودَ إلاَّ بالسَّيفِ" (¬2).

ج- التخييرُ بينَ القودِ والدّيةِ والعفوِ: (¬3).
إذَا وجبَ للمسلم دمٌ خُيِّرَ بينَ ثلاثة: أنْ يقادَ لهُ، أوْ يودَى لهُ، أوْ يعفوَ؛ لقولهِ تعالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178]. وقولهِ سبحانهُ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]. وقولِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ قُتلَ لهُ قتيلٌ فهوَ بخيرِ النَّظرينِ: إنما أنْ يودَى أوْ أنْ يقادَ" (¬4). وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا عفَا رجل عنْ مظلمةٍ إلاَّ زادهُ اللهُ بهَا عزًّا" (¬5).

[تنبيهاتٌ]:
1 - منِ اختارَ الديةَ سقطَ حقُّهُ فيِ القودِ، فلو طلبهُ بعدَ ذلك لَا يمكَّنُ منهُ ولوِ انتقمَ فقَتَل قُتِلَ، أمَّا إذَا اختارَ القصاصَ فإنَّ لهُ أنْ يعدلَ عنهُ إلَى الدِّيةِ.
2 - إذَا ماتَ القاتلُ لم يبقَ لوليَّ الدمِ إلاَّ الدِّيةَ لتعذرِ القصاصِ بموتِ القاتلِ؛ لأنَّهُ لَا يجوزُ قتلُ غيرِ القاتلِ بحالٍ؛ لقولهِ تعالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: 33]. وفسرَ الإسرافُ فيِ القتلِ بقتلِ غيرِ القاتلِ.
3 - كفَارةُ القتلِ واجبةٌ علَى كل قاتلِ خطأٍ أوْ شبهِ عمد، وسواءٌ كانَ المقتولُ جنينا أوْ مسنًّا، حرًّا أوْ عبدًا، وهيَ عتقُ رقبةٍ مؤمنةٍ، فإنْ لم يجدْ فصيامُ شهرينِ متتابعيِن؛ لقولهِ تعالَى: {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ
¬__________
(¬1) سن ابن ماجه (2694).
(¬2) رواه ابن ماجه (2667، 2668) وسكتَ عنهُ السيوطي. وهَنا يرَى بعضُ أهلِ العلم أن القاتلَ يقتلُ بمثل مَا قتلَ بهِ إنْ كانَ سيفًا فسيف، وإنْ كانَ حجرًا فحجر؛ للحديثِ المتفقِ عليه أن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بالذِي رضَّ رأس الجاريةِ بحجر أنْ يرض رأسهُ.
(¬3) يرَى بعضُ أهلِ العلم أن قتلَ الغيلةِ لَا عفوَ فيه وإنْ عفَا أولياءُ الدم فإنْ للسلطانِ أن لَا يعفوَ بل يعزرَ القاتلَ بجلد مائةٍ وتغريبِ عام.
(¬4) صحيح البخاري (3/ 165) ومسلم كتاب الحج (447، 448).
(¬5) رواه الإِمام أحمد (2/ 438).

الصفحة 406