كتاب منهاج المسلم

عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} [النساء: 92].

المادَّة الثالثةُ: فِي الجنايةِ علَي الأطرافِ:
1 - تعريفهَا: الجناية فيِ الأطرافِ أنْ يتعدى امرؤٌ علَى آخرَ فيفقأَ عينهُ أوْ يكسرَ رجلهُ أوْ يقطعَ يدهُ مثلًا.
2 - حكمهَا: إنْ كانَ الجاني عامدًا، وليسَ والدًا للمجنيَّ عليهِ، وكانَ المجني عليهِ (¬1) مكافئًا للجاني في الإسلامِ والحريةِ فإنهُ يقادُ منهُ للمجنيَّ عليهِ بأنْ يقطعَ منه مَا قطعَ، ويجرحَ بمثلِ مَا جرحَ؛ لقَولهِ تعالَى: { .... وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] إلاَّ أنْ يقبلَ المجني عليهِ الدِّيةَ أوْ يعفوَ.
3 - شروطُ القصاصِ فيِ الأطرافِ: يشترطُ لاستيفاءِ القصاصِ فيِ الأطرافِ مَا يلي:
1 - أنْ يؤمنَ منَ الحيفِ (¬2) فيِ الاستيفاءِ، فإن خيفَ الحيفُ فلاَ قصاصَ.
2 - أنْ يكونَ القصاصُ ممكنًا، فإذَا كانَ غيرَ ممكن تركَ إلَى الدِّيةِ.
3 - أنْ يكونَ العضوُ المرادُ قطعهُ مماثلًا في الاسمِ والموضعِ للعضوِ المتلفِ، فلَا تقطعُ يمينٌ فيِ يسارٍ، ولَا يدٌ فيِ رجلٍ، ولَا إصبعٌ أصليّ فيِ زائد مثلًا.
4 - استواءُ العضوينِ: المتلفُ والمرادُ أخذهُ، في الصِّحةِ والكمالِ، فلَا تؤخذُ اليدُ الشَّلاَّءُ فيِ الصحيحةِ، ولَا العينُ العوراءُ بالسليمةِ.
5 - إنْ كانَ الجرحُ في الرَأسِ أوْ الوجهِ، وهيَ الشجَّةُ فلَا قصاصَ فيهِ إلاَّ إذَا كانَ لَا ينتهِي إلَى العظم، وكل جرح لا يمكنُ فيهِ الاستيفاءُ لخطورتهِ فلَا يقتص بهِ، فلَا قصاصَ فيِ كسرِ عظمٍ ولَا فيِ جائفةٍ، وإنمَا الواجبُ فيهِ الديةُ.

[تنبيهات]:
* تقتلُ الجماعةُ بالواحدِ، ويؤخذُ أطرافُ جماعةٍ في طرفٍ واحدٍ إذَا اشتركُوا في الجنايةِ اشتراكًا مباشرًا؛ لقولِ عمرَ - صلى الله عليه وسلم -: "لو تمالأَ عليهِ أهلُ صنعاءَ لقتلتهم بهِ جميعًا" (¬3). قالَ ذلك بعدَ أنْ قتلَ سبعةً كانُوا قدْ قتلُوا رجلًا منْ أهلِ صنعاءَ.
* سرايةُ الجنايةِ مضمونة، فلو جنَى أحدٌ علَى آخرَ بقطعِ إصبعهِ ثم لم يندملِ (¬4) الجرحُ حتى شُلَّتْ يدهُ بكاملهَا أوْ ماتَ فإنّ القصاصَ يكونُ أوِ الديةَ بحسبِ ذلكَ.
¬__________
(¬1) لوِ اشتركَ كبيرٌ وصغيرٌ في القتل العمدِ العدوانَ، قُتلَ الكبيرُ وألزمَ الصغيرُ بنصفِ الدية. قالهُ مالك في الموطإ.
(¬2) الحيفُ: الاعتداءُ والجورُ.
(¬3) رواهُ مالك فيِ الموطإِ وأصلهُ فيِ البخاري.
(¬4) اندملَ الجرحُ إذَا التأمَ وبريء وتماثلَ للشفاء.

الصفحة 407