كتاب منهاج المسلم
عشرَ ألفَ درهم فضةً، أوْ مائتا بقرة، أوْ ألفَا شاةٍ. وإنْ كانَ القتلُ شبهَ عمد غُلِّظتْ بأنْ تكونَ المائةُ منَ الإبلِ في بطونِ أربعينَ منهَا أولادهَا. وإنْ كانَ خطأ فلَا تغليظَ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألَا وإن قتيلَ خطإ العمدِ بالسوطِ والعصَا والحجرِ فيهِ ديةٌ مغلظةٌ مائة منَ الإبل منهَا أربعونَ منْ ثنيةٍ إلَى بازلِ (¬1) عامِهَا كلهن خلفةٌ" (¬2) . وإنْ كانَ القتل عمدًا فعلى رضَا أولياءِ الدَّمِ فإنَّ لهم أنْ يطلبُوا أكثرَ منَ الديةِ؛ لأنهم يملكونَ القصاصَ فلهم أنْ يتنازلُوا عنهُ بأكثرَ منَ الديةِ.
ودليلُ تقديرِ الديةِ بما ذكرَ قولُ جابرٍ - رضي الله عنه -: "فرضَ رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أهلِ الإبلِ مائة منَ الإبلِ، وعلَى أهلِ البقرِ مائتي بقرةٍ، وعلَى أهلِ الشاةِ ألفي شاةٍ" (¬3) . وقولُ ابنِ عباسٍ - صلى الله عليه وسلم -: "إن رجلًا قُتلَ فجعلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ديتهُ اثنيْ عشرَ ألفَ درهمٍ" (¬4) . وكذَا مَا جاءَ فيِ كتابِ عمرو ابنِ حزمٍ الّذِي تلقَّتهُ الأمةُ جمعاءَ بالقبولِ. " ... وعَلى أهلِ الذهبِ ألفُ في دينارٍ" (¬5) .
فأيُّ هذهِ المذكوراتِ الخمسِ أحضرَ القاتلُ لزمَ ولي الدّمِ قبولهُ.
وإنْ كانَ المودَى امرأة مسلمة حرة فديتهَا نصفُ ديةِ الرجلِ المسلمِ؛ لماَ أخرجَ مالكٌ فيِ الموطإِ عنْ عروةَ بنِ الزبيرِ أنهُ كانَ يقالُ: إنَّ المرأةَ تعاقلُ الرجلَ، مَا لم تبلغْ ثلثَ ديةِ الرجلِ، فإذَا بلغتهَا عوملتِ المرأةُ فيِ الديةِ بنصفِ ديةِ الرجلِ.
وإنْ كانَ المودى ذميًّا يهوديًّا أوْ نصرانيًّا أوْ غيرهُ فديتهُ نصفُ ديةِ المسلمِ، وديةُ إناثهم علَى النصفِ منْ ديةِ ذكورهم؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ديةُ عقلِ الكافرِ نصفُ ديةِ عقلِ الرجلِ" (¬6) .
وإنْ كانَ المودَى عبدًا فديتهُ قيمتهُ بلغتْ مَا بلغتْ لعلّةِ أنهُ متقومٌ فتدفعُ قيمتهُ.
وإنْ كانَ المودَى جنينًا ذكرًا أوْ أنثَى فديتهُ غرَّةُ عبدٍ أوْ أمةٍ؛ لقضاءِ رسولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - الجنيِن بغرةِ عبدٍ أوْ أمةٍ، كمَا جاءَ في الصَّحيحِ، إنْ كانَ حرًّا وانفصلَ ميتًا، أما إذَا انفصلَ منْ بطنِ أنهِ حيًّا ثم ماتَ فإن فيهِ القوَدَ أوِ الديةَ كاملة.
[تنبيهٌ] : قومتِ الغرَّةُ عندَ بعضِ أهلِ العلمِ بعشرِ ديةِ أمِّ الجنينِ، فقوَّمهَا مالكٌ بخمسينَ دينارًا أوْ ستمائةِ درهمٍ.
ب- ديةُ الأطرافَ: تجبُ الديةُ كاملةً فيمَا يلي:
¬__________
(¬1) البازلُ منَ الإبلِ مَا دخلَ في التاسعةِ. ويقالُ لهُ بعدَ ذلكَ بازلُ عام أو عامينِ إلخْ. والخلفةُ: هيَ الحاملُ.
(¬2) رواه الإمام أحمد (3/ 410) . ورواه النسائي (8/ 42) . ورواه الدارقطني (3/ 104) .
(¬3) رواهُ أبُو داودَ، وفي سندهِ ضعفٌ، غيرَ أن العملَ بهِ عندَ جمهورِ العلماءِ.
(¬4) رواهُ أبُو داودَ والنسَائي وابنُ ماجه والترمذي مرفوعًا. ورويَ مرسلاً وهوَ أصحُّ وأشهرُ.
(¬5) رواه الدرامي (2/ 92) . ورواه البيهقي (8/ 79) .
(¬6) الترمذي (1413) وحسنه.
الصفحة 409