كتاب منهاج المسلم

الأطِّباءِ المختصينَ سائرُ الجروحِ فِي الجسدِ.

ثانيًا- الجراحُ:
1 - تعريفهَا: الجراحُ مَا كانتْ فِي غيرِ الرأسِ والوجهِ منْ بقيةِ الجسدِ.
2 - حكمهَا: أنَّ فِي الجائفةِ -وهيَ الَّتي تصلُ إلَى باطنِ الجوفِ- ثلثَ الدِّيةِ؛ لماَ فِي كتابِ عمرِو بنِ حزمٍ: "وفي الجائفةِ ثلثُ الدِّيةِ".
وفِي الضلعِ إذَا انكسرَ وانجبرَ بعيرٌ.
وفِي كسرِ الذِّراعِ أوْ عظمِ الساقِ أوِ الزندِ إذَا جبرَ بعيرانِ؛ إذْ قضَى بذلكَ الصحابةُ - رضي الله عنهم -.
ومَا عدَا مَا ذكرَ ففيهِ حكومةٌ أوْ يقاسُ علَى الموضحةِ وهوَ أيسرُ.

6 - بمَ تثبتُ الجنايةُ؟
إنْ كانتِ الجنايةُ دونَ القتلِ فإنهَا تثبتُ بأحدِ أمرينِ: إمَّا باعترافِ الجاني وإما بشهادةِ عدليِن.
وإنْ كانتْ جنايةَ قتل فإنهَا تثبتُ باعترافِ القاتلِ، أوْ شهادةِ عدليِن أوْ بالقسامةِ إنْ كانَ هناكَ لوثٌ، وهيَ العداوةُ الظاهرةُ بين المقتولِ ومنْ نسبتْ إليهم جريمةُ القتلِ.
والقسامةُ: هيَ أنْ يوجدَ قتيلٌ فيدَّعِي أولياؤهُ علَى رجلٍ أو جماعةٍ أنهم قتلوُه لعداوةٍ ظاهرةٍ معروفةٍ عنِ النَّاسِ بينهم فيغلبُ علَى الظن أن القتيلَ ذهبَ ضحيةَ تلكَ العداوةِ.
أوْ لَا يكونُ عداوة بين القتيلِ والمتهمِ وإنمَا شهدَ شاهدٌ واحد علَى القتلِ، ولما كانتْ دعوى الدمِ لَا تثبتُ إلاَّ بشهادةِ عدلينِ كانتْ شهادةُ الواحدِ كاللَّوثِ فتتعينُ القسامةُ، فيحلفُ (¬1) أولياءُ الدم وهم ورثةُ القتيلِ منَ الرجالِ دونَ النساءِ خمسينَ يمينًا موزعةً عليهم بحسبِ إرثهم منهُ علَى أَنَّ هذَا قتلهُ، فإذَا حلفُوا استحقُّوا دمَ الرجلِ المدعَى عليهِ فيقادُ لهم (¬2) منهُ، أوْ يُعطَونَ الديةَ، وإنْ نكلَ بعضُ الورثةِ ولم يحلفْ سقطَ الحق، وحلفَ لهمُ المدعَى عليهِ خمسينَ يمينًا وبرئَ.
كمَا أنَّ منِ ادُّعيَ عليهِ بقتل ولَا لوثَ يبرأُ بحلفهِ يمينًا واحدةً؛ وهذَا لماَ جاءَ فِي الصَّحيحِ أنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - رفعتْ إليهِ قضيةُ قتلٍ فشرعَ فيهَا القسامةَ فقالَ لأولياءِ الدَّمِ: "أتحلفونَ
¬__________
(¬1) وإنْ لم يرضَ الورثةُ بأيمانِ المدعَى عليهِ ودتِ الحكومةُ قتيلهم، وبرئَ المدعَى عليه.
(¬2) الجمهورُ علَى أنهُ لَا يقادُ بالقسامةِ، وإنمَا يودَى بهَا وهوَ مذهبُ الشافعي وأبي حنيفةَ وعمرَ بن عبدِ العزيز. وأما مذهبُ مالك وأحمدَ، رحمَ اللهُ الحميعَ، أنهُ لَا يقادُ بالقسامة.

الصفحة 412