كتاب منهاج المسلم
وتستحقونَ دمَ قاتلكم أوْ صاحبكم؟ " (¬1) فقالُوا: كيفَ نحلفُ ولم نشهدْ ولم نرَ؟ قالَ: "فتبرِئكمُ اليهودُ (أيِ المتهَمونَ) خمسينَ يمينًا؟ " فقالُوا: كيفَ نأخذُ أيمانَ قومٍ كفارٍ؟.
فعقلهُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - منْ عندهِ.
***
الفصلُ الحادِي عشرَ: فِي الحدودِ
وفيهِ تسعُ مواد:
المادَّة الأولَى: فِي حد الخمرِ:
1 - تعريفُ الحدِّ والخمرِ: الحدُّ هوَ المنعُ من فعلِ مَا حرمَ اللّهُ بواسطةِ الضربِ أوِ القتلِ، وحدودُ اللّهِ تعالَى محارمهُ التي أمرَ أنْ تتحامَى فلَا تقربَ.
والخمرُ: المسكر من كل شراب أيًّا كانَ نوعهُ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكرٍ خمر، وكلُّ خمر حرام" (¬2).
2 - حكمُ شرابهَا: يحرمُ شربُ الخمر قليلًا كانَ المشروبُ أو كثيرًا؛ لقوله تعالَى فِي النَّهيِ عنهَا وعني الميسرِ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 91]، وقولهِ: {فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90].
وقولِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لعنَ الله شاربَ الخمرِ وبائعهَا" (¬3). ولإقامةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - الحد علَى شاربهَا "بِالضربِ فِي فِنَاءِ المسجِدِ" فِي الصحِيحَينِ.
3 - الحكمةُ فِي تحريمهَا: الحكمةُ من تحريم الخمر المحافظةُ علَى سلامة دينِ المسلمِ وعقله وبدنه وماله.
4 - حكمُ شاربهَا: حكمُ منْ شربَ الخمرَ وثبتَ ذلكَ باعترافهِ أو بشهادة عدليِن: أنْ يحدَّ بجلدهِ ثمانينَ جلدةً علَى ظهرهِ إنْ كانَ حرًّا وإنْ كانَ عبدًا فأربعينَ جلدة؛ لقولهِ تعالَى فِي الإماءِ: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. فقيسَ العبدُ علَى الأمةِ فِي تنصيفِ العذابِ الذِي هوَ الجلدُ.
5 - شروطُ وجوبِ الحدِّ علَى شاربهَا: يشترطُ فِي إقامةِ الحد علَى شارب الخمرِ أنْ يكونَ مسلمًا، عاقلاً، بالغًا، مختارًا، عالمًا بتحريمهَا، صحيحًا غيرَ مريضٍ، غيرَ أن المريضَ لَا يسقطُ عنهُ الحدُّ وإنمَا يُنتظَر برؤهُ، فإن برئَ عن مرضهِ أقيمَ عليه الحدُّ.
¬__________
(¬1) رواه البخاري (9/ 94). ورواه الترمذي (1422) ورواه أبو داود (4521).
(¬2) صحيح مسلم (7) كتاب الأشربة.
(¬3) رواه أبو داود (3674). ورواه الاِمام أحمد (2/ 97).
الصفحة 413