كتاب منهاج المسلم

6 - عدمُ تكرارِ الحدِّ علَى شاربهَا: إذَا تكررَ منَ المسلمِ شربُ الخمرِ عدَّةَ مرات، ثمَّ أقيمَ عليهِ الحد فإنَّهُ يكفيهِ إقامةُ حدٍّ واحدٍ، ولو تكررَ الشرابُ مراتٍ عديدةٍ، وإنْ هوَ شربَ بعدَ إقامةِ الحد عليهِ، فإنَّهُ يقامُ عليهِ حدٌّ آخرُ، وهكذَا كلَّمَا شربَ أقيمَ عليهِ الحدُّ.
7 - كيفيةُ إقامةِ الحد علَى الشَّاربِ: يقامُ الحد علَى الشَّاربِ بأنْ يجلسَ علَى الأرضِ، ويضربَ علَى ظهرهِ بسوطٍ معتدل بينَ الغلظةِ والخفةِ ثمانينَ جلدةً. والمرأةُ كالرجلِ غيرَ أنهَا تكونُ مستورةً بثوب رقيق يسترهَا ولَا يقيهَا الضَّربَ.
[تنبيهٌ] : لَا يقامُ علَى الشاربِ الحدُّ فِي حالِ شدَّةِ البردِ، أوِ الحر، بلْ ينتظر بهِ ساعاتِ تلطفِ الجو واعتدالهِ منَ النهارِ، كمَا لَا يقامُ عليهِ الحد وهوَ سكرانٌ، ولَا وهوَ مريضٌ، بلْ يُنتظرُ بهِ إفاقتهُ وبرؤهُ.

المادَّة الثانيةُ: فِي حد القذفِ:
1 - تعريفهُ: القذفُ هوَ الرمي بالفاحشةِ كأنْ يقولَ امرؤ لآخرَ: يَا زانٍ، أوْ يقولَ: إنه رآهُ يزني، أوْ يأتي فاحشةَ كذَا ... منْ زنًا أوْ لواط.
2 - حكمهُ: القذفُ كبيرة منَ الكبائرِ، فسَّقَ اللّهُ فاعلهَا وأسقطَ عدالتهُ، وأوجبَ عليهِ الحد بقولهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 4 - 5] .
3 - حدُّهُ: حدُّ القذفِ ثمانونَ جلدةً بالسَّوطِ لقولهِ تعالَى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ، وقدْ جلدَ رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أهلَ الإفكِ ثمانينَ جلدةً (¬1) .
4 - الحكمةُ فِي حد القذفِ: هيَ المحافظةُ علَى سلامةِ عرضِ المسلمِ وصيانةُ كرامتهِ. كمَا أنَّهَا المحافظةُ علَى طهارةِ المجتمعِ منْ إشاعةِ الفواحشِ فيهِ، وانتشارِ الرذائلِ بينَ المسلمينَ وهُمُ العدولُ الطَّاهرونَ.
5 - شروطُ إقامةِ حد القذفِ: ويشترطُ في إقامةِ الحدِّ علَى القاذفِ توفرُ مَا يلي:
1 - أنْ يكونَ القاذفُ مسلمًا عاقلًا بالغًا.
2 - أنْ يكونَ المقذوفُ عفيفًا غيرَ معروف بينَ النَّاسِ بالفاحشةِ.
3 - أنْ يطالبَ المقذوفُ بإقامةِ الحدِّ عليهِ؛ إذْ هوَ حق لهُ إنْ شاءَ استوفاهُ وإنْ شاءَ عفَا عنهُ.
¬__________
(¬1) أوردهُ الهيثمي فِي مجمعِ الزوائدِ (6/ 280) .

الصفحة 414