كتاب منهاج المسلم

بالرجمِ وفعلهِ فقدْ رجمَ الغامديَّةَ وماعزًا - رضي الله عنهما -، ورجمَ اليهوديَّينِ لعنةُ اللّهِ عليهمَا (¬1) .
5 - شروط إقامةِ حدِّ الزِّنَى: يشترطُ فِي إقامةِ الحد علَى الزُّناةَ مَا يلي:
1 - أنْ يكونَ الزَّاني مسلمًا عاقلًا، بالغًا، مختارًا غيرَ مكره؛ قولِ النّبي - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلمُ عنْ ثلاثةٍ: عنِ الصبيّ حتى يحتلمَ، والنَّائمِ حتى يستيقظَ، والمجنونِ حتَّى يفيقَ" (¬2) .
وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "رفعَ عنْ أمتي الخطأُ والنِّسيانُ ومَا استكرهوا عليهِ" (¬3) .
2 - أنْ يثبتَ الزنَى ثبوتًا قطعيَّا، وذلكَ بإقرارهِ علَى نفسهِ، وهوَ فِي حالتهِ الطبيعية بأنه زنَى، أوْ بشهادةِ أربعةِ شهود عدول بأنهم رأوهُ يزني وشاهدُوا فرجهُ فِي فرجِ المزني بهَا كالمرودِ فِي المكحلةِ والرِّشَا (¬4) فِي البئرِ لقولهِ تعالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] .
ولقولهِ - صلى الله عليه وسلم - لماعز: "أنكحتهَا؟ " قالَ: نعم، قالَ: "كمَا يغيبُ المرودُ في المكحلةِ والرِّشَا فِي البئرِ؟ ... " (¬5) .
أوْ بظهورِ الحملِ إنْ سئلتْ عنهُ ولم تأتِ ببينةٍ تدرؤُ عنهَا الحد ككونهَا اغتُصبتْ، أوْ وطئتْ بشبهةٍ، أو بجهل لتحريم الزِّنَى. فإنْ أتتْ بشبهةٍ لم يُقم عليهَا الحدُّ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ادرؤُوا الحدودَ بالشُّبهاتِ" (¬6) ، وقولهِ - صلى الله عليه وسلم - لو كنتُ راجمًا أحدًا بغيرِ بينةٍ لرجمتهَا" (¬7) قالهُ فِي امرأةِ العجلاني.
3 - أنْ لَا يرجعَ الزَّاني عنْ إقرارهَ، فإن رجعَ قبلَ إقامةِ الحد عليهِ بأنْ كذبَ نفسهُ وقالَ لم أزنِ لم يقم عليهِ الحدُّ؛ لماَ صحَّ أن ماعزًا لما ضُربَ بالحجارةِ فر، ولكنّ الصَّحابةَ أدركوهُ وضربوهُ حتَّى ماتَ، فأُخبرَ الرّسولُ - صلى الله عليه وسلم - بذلكَ فقالَ: "فهلَّا تركتموهُ! " فكأنهُ - صلى الله عليه وسلم - قدْ اعتبرَ فرارَهُ رجوعًا عنِ اعترافهِ. وقدْ وردَ أنَّهُ لماَّ كانَ هاربًا كانَ يقولُ: ردوني إلَى رسولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - فإنَّ قومِي قتلوني وغرُّوني منْ نفسِي، وأخبروني أن رسولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - غيرُ قاتلي (¬8) .
¬__________
(¬1) رواه مسلم في الحدود (26) . ورواه الإِمام أحمد (1/ 8) . ورواه الحاكم (4/ 363) .
(¬2) سبق تخريجه.
(¬3) رواه ابن ماجه (1/ 630) بلفظ: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ ... ".
(¬4) الرشا: الحبلُ.
(¬5) رواه أبو داود في الحدود (24) .
(¬6) أوردهُ ابنُ حجر فِي تلخيص الحبير (4/ 56) . ورواهُ ابنُ عدي، وسكتَ عنهُ السيوطي، ورويَ مرفوعًا عن ابن مسعود في الصحيح.
(¬7) رواه البخاري (8/ 217) . ورواه مسلم في اللعان (13) . ورواه ابن ماجه (559، 560) ، وهذهِ المرَأةُ رماهَا زوجهَا بالزنى فلاعنهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فولدت ولدًا أشبهَ بالرجلِ الْذِي اتهمت بهِ؛ فلذَا قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الذِي قالَ.
(¬8) رواه أبو داود (4420) . ورواه الإِمام أحمد (4/ 61) .

الصفحة 416