كتاب منهاج المسلم

6 - كيفيةُ إقامةِ الحدِّ علَى الزناةِ: أنْ يحفرَ للزاني فِي الأرض حفرةً تبلغُ إلَى صدرهِ فيوضعَ فيهَا ويُرمَى بالحجارةِ حتى يموتَ بمحضرِ الإمامِ أو نائبهِ، وجماعةٍ منَ المسلمينَ لَا يقل عددهم عنْ أربعةِ أنفارٍ؛ لقولهِ تعالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2].
والمرأةُ كالرجلِ غيرَ أنهَا تشدُّ عليهَا ثيابهَا لئلَّا تنكشفَ.
هذَا بالنِّسبةِ إلَى الرجمِ. وأمَّا الجلدُ لغيرِ المحصنِ، فعلَى كيفيةِ حدِّ القذفِ وشربِ الخمرِ.

[تنبيهات]:
* حدُّ اللواطِ الرَّجمُ حتَّى الموتِ بلَا فرقٍ بينَ المحصنِ وغيرِ المحصنِ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - " من وجدتموهُ يعملُ عملَ قومِ لوطٍ فاقتلُوا الفاعلَ والمفعولَ بهِ" (¬1). وقدِ اختلفتْ كيفيةُ قتلهمَا عنِ الصّحابةِ فمنهم منْ أحرقهمَا بالنارِ، ومنهم منْ قتلهمَا رجمًا بالحجارةِ. وقالَ ابنُ عبَّاسٍ فيهمَا: ينظرُ أعلَى بناءٍ فِي القريةِ ويرمَى بهمَا منهُ منكَّسينِ ثمَّ يتبعانِ بالحجارةِ.
* منْ أتَى بهيمةً وجبَ تعزيرهُ بأشَدِّ أنواعِ التَّعزيرِ منْ ضربٍ وسجنٍ لإتيانهِ فاحشةً محرمةً بالإجماعِ. وليكونَ التعزير الشديدُ مقوِّمًا لانحرافِ فطرتهِ، وقدْ وردتْ آثارٌ فِي أنَّهُ يقتلُ وتقتلُ معهُ البهيمةُ التي أتاهَا غيرَ أنهَا آثارٌ لم تثبتْ ثبوتًا تقومُ بهِ حجة، فيكتفَى بالتعزيرِ المأذونِ فيهِ للإمامِ بمَا يكفلُ إصلاحَ الفسادِ.
* العبدُ والأمةُ إذَا زنيَا فحدُّهمَا الجلدُ فقطْ، ولو كانَا محصنينِ؛ لقولهِ تعالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. ولماَّ كانَ الموتُ لَا ينصَّفُ تعينَ الجلدُ خمسينَ جلدة دونَ الرجمِ.
وللسيدِ أنْ يجلدَ عبدهُ أوْ أمتهُ، ولهُ أنْ يرفعَ أمرهمَا إلَى الإمامِ؛ لقولِ علي رضيَ اللّهُ عنهُ: أرسلني رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - إلَى أمةٍ سوداءَ زنتْ لأجلدهَا الحدَّ فوجدتهَا فِي دمهَا؛ فأخبرتُ بذلكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "إذَا تعالتْ منْ نفاسهَا فاجلدهَا خمسينَ" (¬2). وقولِ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا زنتْ أمةُ أحدكُم فتبينَ زناهَا فليجلدهَا الحدَّ ولَا يثرِّبْ عليهَا" (¬3).

المادةُ الرابعةُ: فِي حد السرقةِ:
1 - تعريفهَا: السرقةُ أخذُ المالِ المحروزِ علَى وجهِ الاختفاءِ كأنْ يدخلَ أحدٌ دكانًا أوْ منزلًا
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (4462). ورواه الترمذي (1456) وهو صحيح.
(¬2) رواه الإمام أحمد (1/ 136). ومعنَى تعالَّتْ: خرجت من مرضهَا.
(¬3) رواه البخاري (8/ 123). ورواه الترمذي (1440). ورواه الدارقطني (3/ 160).

الصفحة 417