كتاب منهاج المسلم
أو الغصبِ وهوَ الأخذُ علَى وجهِ الغلبةِ والقهرِ، ولَا علَى وجهِ الانتهابِ وهوَ الأخذُ علَى وجهِ الغنيمةِ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ علَى خائنٍ ولَا منتهب ولَا مختلسٍ قطعٌ" (¬1) .
5 - مَا يجبُ علَى السَّارقِ: يجبُ علَى السارقِ بعدَ إدانتهِ حقَّانِ:
1- ضمانُ (¬2) المالِ المسروقِ إنْ كانَ بيدهِ، أوْ كانَ موسرًا، وإنْ تلفَ المالُ المسروقُ فهوَ فِي ذمتهِ لمن سرقهُ منهُ.
2 - القطعُ، كحقِّ للّهِ تعالَى: إذْ الحدودُ محارمُ اللّهِ تعالَى. وإذَا لم يجبِ القطعُ لعدمِ توفرِ شروطهِ، فضمانُ المالِ لازمٌ لصاحبهِ قليلًا كانَ أو كثيرًا وسواءً كانَ السارقُ موسرًا أوْ معسرًا.
6 - كيفيةُ القطعِ: أنْ تقطعَ كفُّ السارقِ اليمنَى من مفصلِ الكفِّ؛ لقراءةِ ابنِ مسعود: "فاقطعُوا أيمانهمَا" ثم تحسمَ بغمسهَا فِي زيتٍ مغليَّ تسدُّ أفواهَ العروقِ فينقطعَ الدّمُ.
ويستحبُّ أنْ تعلقَ فترة فِي عنقِ السَّارقِ للعبرةِ (¬3) .
7 - مَا لَا قطعَ فيهِ: لَا يجوزُ القطعُ فِي سرقةِ مالٍ غيرِ محروزٍ، ولَا فِي مالٍ لَا تبلغُ قيمتهُ ربعَ دينارٍ، ولَا فِي ثمرٍ فِي شجرٍ، أوْ فِي تمرٍ من نخلٍ، وإنَّمَا يضاعفُ عليهِ ثمنُ الثمرِ إذَا اتخذَ منهُ خُبنَةً (¬4) ويؤدبُ بالضَّربِ.
وأما مَا يأكلهُ فِي بطنه فليسَ عليهِ شيءٌ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - وقدْ سئلَ عنِ الحريسةِ (¬5) الّتي تؤخذُ منْ مراتعهَا قالَ: فيهَا ثَمنهَا مرتيِن، وضَربُ نكالٍ، ومَا أخذَ منْ عطنهِ (¬6) ففيهِ القطعُ إذَا بلغَ مَا يؤخذُ منْ ذلكَ ثمنَ المجنِّ" (¬7) ، وقيلَ يَا رسولَ اللّهِ فالثِّمارُ ومَا أخذَ منهَا فِي أكمامهَا؟ قالَ: "منْ أخذَ بفمهِ ولم يتخذْ خبنةً فليسَ عليهِ شيءٌ، ومَا احتملَ فعليهِ ثَمنهُ مرتيِن وضربُ نكالٍ، ومنْ أخذَ منْ أجرانهِ (¬8) ففيهِ القطعُ إذَا بلغَ مَا يؤخذُ منْ ذلكَ ثمنَ المجنِّ" (¬9) .
¬__________
(¬1) رواه الترمذي (1448) وابن حبان وصححاه.
(¬2) اختلفَ في السارقِ تقطعُ يدهُ، فهل عليهِ ضمانُ المالِ المسروقِ؟ فقالَ أحمدُ والشافعي بالضمان، وقالَ مالك: يضمنُ الموسرُ دونَ المعسر وقالَ أبُو حنيفةَ: لَا ضمانَ عليه؛ لقولِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أنَا أقيم الحد علَى السارقِ فلَا غُرمَ عليهِ. غيرَ أن الحديثَ ضعيف.
(¬3) لماَ روَى الترمذي بسند ضعيف: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بيدِ سارق فقطعت، ثم أمرَ بهَا فعلقت فِي عنقهِ.
(¬4) المقصودُ: جمعهُ للادخارِ والتَّخزين.
(¬5) الحريسةُ: الشاةُ تؤخذُ منْ موضعِ الرعي كالغاباتِ والجبال، ومَا إليهَا منْ أماكنِ رعي الحيوانات.
(¬6) العطنُ: موضعُ بروكِ الإبلِ، وهوَ المراحُ للغنمِ، والمرادُ به: مكانُ إيواءِ الإبلِ والغنمِ والبقرِ.
(¬7) المجنُّ: الترسُ أوْ مَا وقَى منَ السلاحِ.
(¬8) الجرنُ والجمعُ أجرانُ: وهوَ موضعُ تجفيف الثمرِ.
(¬9) رواه الإمام أحمد والنسائي ورواه ابن ماجه بمعناه والترمذي وحسنه والحاكم وصححه.
الصفحة 419