كتاب منهاج المسلم

[تنبيهاتٌ]:
* إذَا عفَا صاحب المالِ عنِ السَّارقِ ولم يرفعهُ إلَى السُّلطانِ فلَا قطعَ، وإنْ رفعهُ إليهِ وجبَ القطعُ ولم تنفعهُ شفاعةُ أحدٍ بعدَ ذلكَ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - "فهلَّا كانَ قبلَ أنْ يأتيني بهِ" (¬1)، قالَ ذلكَ لمنْ أرادَ أنْ يعفوَ عنِ السارقِ بعدَ إدانةِ السارقِ وحضورهِ لدَى رسولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - للحكمِ عليهِ.
* تحرمُ الشَّفاعةُ فِي الحدودِ إذَا وصلتْ إلَى السُّلطانِ؛ لقول - صلى الله عليه وسلم -: "من حالت شفاعتهُ دونَ حد منْ حدودِ الله، فقدْ ضاد اللَّهَ في أمرهِ" (¬2). ولقولهِ - صلى الله عليه وسلم - لأسامةَ - رضي الله عنه -: "أتشفعُ فِي حد منْ حدودِ اللّهِ؟ " (¬3).
* حكمُ الرَّجلِ الَّذِي يسطُو علَى المنازلِ ويقتلُ أهلهَا ويأخذُ أموالهمْ حكمُ المحاربينَ.

المادةُ الخامسةُ: فِي حدِّ المحاربينَ:
1 - تعريفهمْ: المرادُ بالمحاربين هنَا: نفرٌ منَ المسلمينَ يشهرونَ السلاحَ فِي وجوهِ النَّاس فيقطعونَ طريقهم بالسطوِ علَى المارَّةِ وقتلهم وأخذِ أموالهم بمَا لهم منْ شوكةٍ وقوَّةٍ.
2 - حكمهمْ: أحكامُ المحاربين هيَ:
أ- أنْ يوعظُوا وتطلبَ منهمُ التَّوبةُ، فإن تابوا قبلتْ توبتهم وإنْ أبوا قوتلُوا، وقتالهم جهادٌ فِي سبيلِ اللّهِ تعالَى، فمنْ قتلَ منهم فدمهُ هدرٌ، ومنْ قُتلَ منَ المسلمينَ فشهيدٌ؛ لقولهِ تعالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9].
ب- منْ أُخذَ منَ المحاربينَ قبلَ توبتهِ أقيمَ عليهِ الحد إمَّا بالقتلِ أوِ الصلبِ أوْ قطعِ اليدينِ أوِ الرجليِن أوِ النفيِ؛ لقولهِ تعالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33]. ولماَ فعلهُ رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - بالعرنيِّينَ الذينَ أخذُوا إبلَ الصدقةِ وقتلُوا راعيهَا وفروا (¬4).
فالإمامُ مخيَّرٌ فِي إنزالِ هذهِ العقوباتِ بهم. ويرَى بعضُ أهلِ العلمِ أنَّهم يُقتلونَ إذَا قَتلُوا، وتُقطَّعُ أيديهم وأرجلهم منْ خلافٍ إذَا أخذُوا أموالًا، ويُنفونَ أوْ يُسجنونَ إذَا لم يصيبُوا دمًا ولَا مالًا حتى يتوبُوا.
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد (6/ 466). ورواه مالك في الموطأ (835). وصححه الحاكم وابن الجارود.
(¬2) رواه أبو داود (3597). ورواه الحاكم (2/ 27) وصححه.
(¬3) رواه البخاري (4/ 213). ورواه أبو داود (4373). ورواه الترمذي (1430).
(¬4) رواه البخاري (15) كتاب الحدود ومسلم (9) كتاب القسامة.

الصفحة 420