كتاب منهاج المسلم

فقدْ كفرَ.
وكلُّ منْ أظهرَ استخفافًا بالدينِ في فرائضهِ أوْ سننهِ أوْ تهكَّمَ بذلكَ أوِ احتقرهُ أوْ رمَى بالمصحف فِي قذرٍ أوْ داسهُ برجلهِ إهانةً لهُ واحتقارًا فقدْ كفرَ.
وكل منِ اعتقدَ أنْ لَا بعثَ أوْ أنْ لَا عذابَ ولَا نعيمَ يومَ القيامةِ، أو العذابَ والنعيمَ معنويانِ فقطْ فقدْ كفرَ.
وكل منْ قالَ أنَّ الأولياءَ أفضلُ منَ الأنبياءِ، أوْ أنّ العبادةَ تسقطُ عنْ بعضِ الأولياءِ فقدْ كفرَ.
وأدلَّةُ هذَا كلهِ الإجماعُ العامُّ للمسلمينَ بعدَ قولِ اللّهِ تعالَى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65 - 66] . فإنَّ هذهِ الآية دالةٌ علَى أنَ كلَّ منْ أظهرَ استهزاءً باللّهِ أوْ صفاتهِ أوْ شريعتهِ أوْ رسولهِ فقدْ كفرَ.
5 - حكمُ منْ كفرَ بسببِ مَا ذكرَ: حكم من كفرَ بسببِ مَا تقدمَ ذكرهُ أنهُ يستتابُ ثلاثًا، فإنْ تابَ منْ قولهِ أوْ معتقَدهِ وإلَّا قتلَ حدًّا، وحكمهُ بعدَ موتهِ حكمُ المرتدِّ.
واستثنى أهلُ العلمِ منْ سب اللّهَ تعالَى أوْ رسولهُ (¬1) فإنَّهُ يقتلُ فِي الحالِ، ولَا تقبلُ توبتهُ.
وبعضُ أهلِ العلمِ يرى أنَّهُ يستتابُ وتوبتهُ تقبلُ فيشهدُ أنْ لَا إلهَ إلاَّ اللّهَ وأن محمدًا عبدهُ ورسولهُ، ويستغفر اللّهَ تعالَى ويتوبُ إليهِ.
[تنبِيهٌ] : منْ قالَ كلمةَ الكفرِ مكرهًا تحتَ ضربٍ أوْ تهديدٍ، وقلبهُ مطمئن بالإيمانِ فلَا شيءَ عليه؛ لقولهِ تعالَى: {.... إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا....} [النحل: 106] .

ب- الزِّنديقُ:
1 - تعريفهُ: الزِّنديقُ هوَ من يظهر الإسلامَ، ويخفي الكفرَ، كمن يكذِّبُ بالبعثِ أوْ ينكرُ نبينَا محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -، أوْ لَا يؤمنُ بالقرآنِ أنهُ كلامُ اللّهِ تعالَى، ولَا يستطيعُ أنْ يجهرَ بذلكَ أوْ يصرحَ بهِ لخوفهِ أوْ ضعفهِ.
2 - حكمهُ: حكمُ الزِّنديقِ أنَّهُ متَى عُثرَ عليهِ وعرفتْ حالهُ قُتلَ حدًّا، وقيلَ: يستتابُ وهوَ أحسنُ وأولَى، فإنْ تابَ وإلَّا قتلَ، وحكمهُ بعدَ موتهِ حكمُ المرتدِّ فِي سائرِ أحكامهِ منْ أنهُ لَا يُغسَّلُ ولَا يصلى عليهِ.
¬__________
(¬1) الفقهاء المالكيةُ رحمهم الله تعالَى همُ الذينَ يرون أن من سب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقتلُ ولَا يستتابُ، ودليلهم مَا روَى أبُو داودَ والنسائي: منْ أن رجلْا أعمَى كانت لهُ أم ولد تشتمُ رسولَ اللْهِ - صلى الله عليه وسلم - فقتلهَا وأخبرَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فجعلَ دمهَا هدرًا.

الصفحة 423