كتاب منهاج المسلم
المادَّة الثامنة: فِي التعزير:
1 - تعريفهُ: التعزيرُ: التَّأديبُ بالضربِ، أوِ الشَّتمِ، أوِ المقاطعةِ أوِ النَّفيِ.
2 - حكمه: التعزيرُ واجبٌ فِي كلِّ معصيةٍ لم يضعِ الشارعُ لهَا حدًّا، ولَا كفَّارةً، وذلكَ كالسَّرقةِ التي لم تبلغْ نصابَ القطعِ، أوْ كلمسِ الأجنبيةِ أوْ قبلتهَا؛ أوْ كسبِّ المسلمِ بغيرِ لفظِ القذفِ أوْ ضربهِ بغيرِ جرحٍ أوْ كسرِ عضوٍ مثلاً.
3 - أحكامهُ: أحكامُ التَّعزيرِ هيَ:
1 - إنْ كانَ ضربًا أنْ لَا يتجاوزَ عشرَ ضربات بالسوطِ؛ لقولِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يجلدُ أحدٌ فوقَ عشرةِ أسواطٍ إلاَّ فِي حدِّ منْ حدودِ اللهِ تعالَى" (¬1) .
2 - أنْ يجتهدَ السُّلطانُ فِي التعزيرِ ويضعَ لكل حال مَا يناسبهَا، فإذَ كانَ الشَّتمُ كافيًا فِي ردعِ المخالفِ أوْ تأديبهِ اكتفَى بشتمهِ، وإذَا كانَ حبس يومٍ وليلة كافيًا اكتفَى بهِ عنِ الحبسِ أكثرَ، وإذَا كانتِ الغرامةُ البسيطةُ تردعُ اكتفَى بهَا عنِ الغرامةِ الفادحةِ وهكذَا؛ إذِ المقصودُ منَ التَّعزير التربيةُ والتأديبُ لَا التعذيبُ والانتقامُ. فقدْ أدبَ رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أبَا ذرٍّ بقولهِ: "إنَّكَ امرؤٌ بكَ جاهليةٌ" (¬2) . وقالَ: "قولُوا لمنْ باعَ واشترَى فِي المسجدِ لَا أربحَ اللَّهُ تجارتكَ" (¬3) .
ولمنْ نشدَ ضالَّة فِي المسجدِ: "لَا رد اللَّهُ عليكَ فإن المساجدَ لم تبنَ لهذَا" (¬4) . كمَا أمرَ بمقاطعةِ الثَّلاثةِ الَّذينَ تخلفُوا عنِ الجهادِ بلَا عذرٍ، واكتفَى منهم بذلكَ (¬5) . وأمرَ المخنَّثينَ أنْ يبعدُوا عنِ المدينةِ وحبس رجلًا فِي تهمةٍ يومًا وليلةً (¬6) ، وضاعفَ الغرامةَ علَى منِ اتَّخذَ خُبنةً منَ التَّمرِ الذِي لم ينزلْ فِي النخلِ (¬7) .. إلَى غيرِ ذلكَ من أنواعِ التَّعزيرِ الثابتِ عنهُ - صلى الله عليه وسلم -، والذِي كانَ المقصودُ منهُ تأديبَ المسلمِ وتربيتهُ.
***
¬__________
(¬1) رواه مسلم في الحدود (9) . ورواه أبو داود فى الحدود (39) . ورواه الترمذي (1463) . ورواه ابن ماجه (2601) .
(¬2) رواه مسلم في الإيمان (38، 39) . ورواه الترمذي (2871) .
(¬3) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 52) .
(¬4) ورد في كنز العمال (20821) .
(¬5) انظر صحيح مسلم (9) كتاب التوبة.
(¬6) رواه أبو داود (3630) . ورواه الحكام (4/ 102) .
(¬7) رواه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه.
الصفحة 425