كتاب منهاج المسلم

المادَّة الثانية: فِي الشهاداتِ:
1 - تعريفُ الشَهادةِ: الشَّهادةُ أنْ يخبرَ المرءُ صادقًا بمَا رأَى، أوْ سمعَ.
2 - حكمهَا: تحمُّلُ الشَّهادةِ كأدائهَا فرضُ كفايةٍ علَى منْ تعينتْ عليهِ؛ لقولِ اللّهِ تعالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]. وقولهِ تعالَى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283]. وقولِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألَا أخبركم بخيرِ الشهداءِ .. الَّذِي يأتي بشهادتهِ قبلَ أنْ يسألهَا" (¬1).
3 - شروطُ الشَاهدِ: يشترطُ فِي الشاهدِ أنْ يكونَ مسلمًا عاقلًا بالغا عدلًا، غيرَ متَّهم، ومعنَى غيرِ متَّهم، أنْ لَا يكونَ ممَّنْ لَا تقبلُ شهادتهم كعموديِّ النَّسبِ لبعضهم، وكأحدِ الزوجينِ لصاحبهِ، وكشهادةِ الَّذِي يجر لنفسهِ نفعًا، أوْ يدفعُ عنهَا ضررًا، وكشهادةِ العدو علَى عدوِّهِ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تجوزُ شهادةُ خائن، ولَا خائنةٍ، ولَا ذِي غِمرٍ (¬2) علَى أخيهِ، ولَا تجوزُ شهادةُ القانعِ (¬3) لأهلِ البيتِ" (¬4).

4 - أحكامُ الشَهادةِ:
1 - لَا يجوزُ للشَّاهدِ أنْ يشهدَ إلاَّ بمَا علمهُ يقينًا برؤيةٍ، أوْ سماعٍ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمنْ سأله عنِ الشَّهادةِ: "ترَى الشمس؟ " قالَ: نعم. فقالَ: "علَى مثلهَا فاشهدْ، أوْ دعْ" (¬5).
2 - تجوزُ الشَّهادةُ علَى شهادةِ شاهدٍ آخرَ إذَا تعذرَ حضورة لمرضٍ أوْ غيابٍ أوْ موتٍ للضَّرورةِ، إذَا توقَّفَ عليهِ حكمُ الحاكمِ.
3 - يزكَّى الشَّاهدُ بشهادةِ عدليِن: علَى أنهُ عدلٌ مرضيٌّ، إذَا كانَ الشاهدُ غيرَ مبرَّزِ العدالةِ، أمَّا مبرزُ العدالةِ فلَا يحتاجُ القاضِي إلَى تزكيةٍ لهُ.
4 - إنْ زكى رجلانِ رجلًا، وجرحَ فيهِ آخرانِ قُدِّمَ جانبُ التَّجريحِ علَى جانبِ التَّعديلِ؛ لأنهُ الأحوطُ.
5 - يجبُ تأديبُ شاهدِ الزُّورِ بمَا يردعهُ ويكونُ عبرةً لمنْ تحدِّثهُ نفسهُ بذلكَ.
¬__________
(¬1) رواه مسلم في الأقضية (19).
(¬2) الغمرُ: الإحنةُ والشحناءُ والعداوةُ.
(¬3) الخادمُ أو الرجلُ ينفقُ عليهِ أهلُ البيت لوجودِ سببِ المحاباةِ لهم، بوصفهِ تابعًا لهم.
(¬4) رواه الإمام أحمد (1/ 181، 203)، (2/ 204).
(¬5) وردَ فِي كشفِ الخفَا للعجلوني (2/ 93). وكذَا فى تنزيه الشريعة لابن عراق (2/ 94) ورواهُ ابنُ عدي بسند ضعيف، وصححهُ الحاكمُ وخطَّئَ في تصحيحهِ لهُ.

الصفحة 430