كتاب منهاج المسلم

اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].
جـ- جعلُ مصرفٍ خاص منْ مصارفِ الزكاةِ للمساعدةِ علَى تحريرِ الأرقَّاءِ، قالَ تعالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
د- سريانُ العتقِ إلَى بقيةِ أجزائهِ إذَا عتق منهُ جزءٌ، فإن المسلمَ إذَا عتقَ نصيبًا لهُ في رقيق أمرَ أنْ يقومَ عليه النصيبُ الباقِي فيدفعَ ثمنهُ لأصحابهَ ويعتقَ العبد بكامله، قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أعتقَ شركًا لهُ فيِ عبدٍ فكانَ لهُ مالٌ ثمنَ العبدِ قوِّمَ عليهِ العبدُ قيمةَ عدل فأعطَى شركاءهُ حصصهم وعتقَ عليهِ العبيدُ" (¬1).
هـ- الإذنُ بالتَّسرِّي بالإماءِ ليصبحنَ فِي يوم منَ الأيام أمَّهاتُ أولادٍ فيعتقنَ بذلكَ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّمَا أمة ولدتْ منْ سيِّدهَا فهيَ حرَّةٌ بعدَ موتهِ" (¬2).
و- جعلُ كفَّارةِ ضربِ العبدِ عتقهُ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ ضربَ غلامًا لهُ حدًّا لم يأتهِ أوْ لطمهُ فإن كفارتهُ أنْ يعتقهُ" (¬3).
ز- جعلُ العبدِ يعتقُ لمجردِ أنْ يملكهُ ذُو رحم لهُ، قالَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ ملكَ ذَا رحِم محرم فهوَ حرٌّ" (¬4).

[تنبيهُ]:
إنْ قالَ قائل: لمَ لَا يفرضُ الإسلامُ تحرير العبيدِ فرضًا لَا يسعُ المسلمَ تركهُ؟
قلنَا: إنَّ الإسلامَ جاءَ والأرقاءُ فِي أيدِي النَّاسِ، فلَا يليقُ بشريعةِ اللّهِ العادلةِ والَّتي نزلتْ لتحفظَ للإنسانِ نفسهُ وعِرضهُ ومالهُ، لَا يليقُ بهَا أنْ تفرضَ علَى النَّاسِ الخروجَ منْ أموالهمْ بالجملةِ. كمَا أنَهُ ليسَ فِي صالحِ كثيرٍ منَ الأرقَّاءِ التَّحريرُ؛ إذْ منَ النِّساءِ والأطفالِ، حتَى منَ الرِّجالِ أيضًا منْ لَا يستطيعُ أنْ يكفلَ نفسهُ بنفسهِ لعجزهِ عنِ الكسبِ وجهلهِ بمعرفةِ طرقهِ.
فكانَ بقاؤهُ رقيقًا معَ سيدهِ المسلمِ الَّذِي يطعمهُ مما يأكل، ويكسوهُ مما يكسُو بهِ نفسهُ ولَا يكلِّفهُ
¬__________
(¬1) رواه البخاري (2522). ورواه مسلم في الإيمان (17). ورواه مالك في الموطأ (772، 789). ومعنىَ قيمةِ العدلِ إن لَا يغالَى فِي ثمنهِ ولِا يبخسَ منهُ وهوَ معنَى قوله - صلى الله عليه وسلم - فِي بعضِ الرواياتِ: ولَا وكس ولَا شططَ.
(¬2) رواهُ الدارقطني (4/ 132). ورواهُ الطبراني (11/ 259). والحاكمُ بسند ضعيف، والعملُ به عندَ جماهيرِ العلماءِ، وقدْ عتقتْ ماريةُ بولادتهَا إبراهيمَ بنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(¬3) رواه مسلم في الإيمان (30). ورواه الإمام أحمد (2/ 45).
(¬4) رواه الترمذي (1365). ورواه أبو داود (3949) ورواه الإمام أحمد (5/ 20). ورواه ابن ماجه (2524، 2525).

الصفحة 434