كتاب منهاج المسلم

منَ العملِ مَا لَا يطيقُ، خيرًا بآلافِ الدَّرجاتِ منْ إقصائهِ عنِ البيتِ الَّذِي كانَ يحسنُ إليهِ ويرحمهُ جحيمَ القطعةِ والحرمانِ.

المادَّة الثَّانيةُ: فِي أحكامِ الرقيقِ:
أ- العتقُ:
1 - تعريفهُ: العتقُ تحرير المملوكِ، وتخليصهُ منْ رقِّ العبوديةِ.
2 - حكمهُ: حكمُ العتقِ الندبُ والاستحبابُ؛ لقولهِ تعالَى: { .... فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13].
وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ أعتقَ رقبةً مؤمنةً أعتقَ اللَّهُ بكل إربٍ منهَا إربًا منهُ منَ النَّارِ حتَّى إنهُ ليعتقُ اليدَ باليدِ، والرجلَ بالرجلِ، والفرجَ بالفرجِ" (¬1).
3 - حكمتهُ: حكمةُ العتقِ تخليصُ الآدمي المعصومِ من ضررِ الرق، حتى يملكَ نفسهُ ومنافعهُ، وتكملَ أحكامهُ، ويتمكنَ منَ التَّصرفِ فِي نفسهِ ومنافعهِ علَى حسبِ إرادتهِ واختيارهِ.

4 - أحكامهُ: أحكامُ العتقِ وهيَ:
أ- يحصلُ العتقُ بلفط صريح، كأنتَ حرٌّ، أوْ عتيقٌ، أوْ حررتكَ، أوْ أعتقتكَ، كمَا يحصلُ بكنايةٍ لكنْ معَ نيةِ العتقِ، نحوَ: لقدْ خليتُ سبيلكَ، أوْ: لَا سلطانَ لي عليكَ مثلًا.
ب- يصحّ العتقُ ممَّن يصحُّ تصرفهُ فِي المالِ بأنْ يكونَ عاقلًا بالغًا رشيدًا. فلَا يصح عتقُ المجنونِ، ولَا الصبيّ، ولَا السفيهِ المحجورِ عليه؛ لعدمِ جوازِ تصرفاتهمُ الماليةِ.
ج- إذَا كانَ الرَّقيقُ مملوكًا لاثنيِن أوْ أكثرَ، فأعتقَ أحدُ الشُّركاءِ نصيبهُ منهُ قوِّمَ عليهِ الباقِي إنْ كانَ موسرًا (¬2) وعُتقَ العبدُ كلُّهُ، وإنْ كانَ معسرًا عتقَ منهُ مَا عتقَ فقطْ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ أعتقَ شركًا لهُ فِي عبدٍ فكان لهُ مالٌ يبلُغ ثمنَ العبدِ قومَ عليهِ العبدُ قيمةَ عدل، فأعطيَ شركاؤهُ حصصهم وعتقَ جميعُ العبيدِ (¬3)، وإلا فقدْ عُتقَ منهُ مَا عُتقَ" (¬4).
د- من علَّقَ عتقَ العبدِ علَى شرطٍ عتقَ منهُ عندَ وجودِ الشَّرطِ، وإلا فلَا. فمن قالَ: أنتَ حر إنْ ولدتِ امرأتي ولدًا عُتقَ منهُ ساعةَ ولادتهَا.
¬__________
(¬1) رواه مسلم في العتق (21). ورواه الترمذي (1541). ورواه الإمام أحمد (2/ 420، 422).
(¬2) العبرةُ في اليسارِ: أن يكونَ لهُ فضلٌ عن قوتِ يومه وليلتهِ ومَا يحتاجُ إليهِ منْ حوائجه الأساسيةِ كالكسوة والسكنِ.
(¬3) يرى بعضُ أهل العلم أن العبدَ إذَا عتقَ عنهُ بعضهُ باليسارِ وبقيَ البعضُ الآخر أنهُ طلبُ إليهِ أنْ يسعَى فإذَا جمعَ مَا يفِي بعضهُ أعطاة إلَى المالك وعتقَ. والراجحُ أن السعيَ ليس لازمًا للعبد وإنما إذَا رأى هوَ ذلكَ فلهُ، لها وإلا فلَا.
(¬4) سبق تخريجه.

الصفحة 435