كتاب منهاج المسلم

هـ- منْ كانَ لهُ عبدٌ فأعتقَ بعضهُ عتقَ عليهِ الباقِي؛ لعمومِ قولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ أعتقَ شركًا لهُ فِي عبد ... " الحديثُ. وقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ أعتقَ شقصًا لهُ فِي مملولك فيهِ منْ مالهِ ... " (¬1) .
و- منْ أعتقَ عبدًا لهُ أوْ عبيدًا فِي مرضهِ الَّذِي يموتُ فيهِ يعتقُ منَ العبيدِ القدرُ الَّذِي يتَّسعُ لهُ الثُّلثُ؛ إذْ هذَا أشبهُ بالوصيةِ، والوصيةُ لَا تجوزُ فِي أكثر منَ الثلث.

ب- التدبِيرُ:
1 - تعريفهُ: التدبير تعليقُ عتقِ المملوكِ على موتِ مالكهِ بأنْ يقولَ السيدُ لعبدهِ: أنتَ حر بعدَ موتي، فإذَا ماتَ السيدُ عتقَ العبدُ.
2 - حكمهُ: حكم التَّدبيرِ الجوازُ إلاَّ إذَا كانَ السيدُ لَا يملكُ غيرَ منْ أرادَ تدبيرهُ؛ لمَا روَى الشيخان عنْ جابرٍ - رضي الله عنه -: أن رجلًا أعتقَ مملوكًا عن دبر منهُ فاحتاجَ، فقالَ رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ يشتريهِ مني؟ " فباعهُ من نُعيمِ بنِ عبدِ اللهِ بثمانمائةِ درهمٍ فدفعهَا إليهِ، وقالَ: "أنتَ أحوجُ منهُ".
3 - حكمته: حكمةُ التدبيرِ الإرفاقُ بالمسلمِ فقدْ يكونُ المسلمُ لهُ العبدُ، ويرغبُ في تحريرهِ، ويجدُ نفسهُ مضطرًّا إلَى خدمتهِ ومؤانستهِ، فيدبِّرهُ، فينالُ أجرَ العتقِ، ولم يفقدْ منفعتهُ زمنَ حياتهِ.
4 - أحكامهُ: أحكامُ التّدبيرِ هيَ:
1 - يكونُ التَّدبيرُ بلفظِ: أنتَ علَى دُبُرٍ منِّي، أو قدْ دبَّرتكَ، أوْ إنْ متُّ فأنتَ حرٌّ، ونحوِ ذلكَ.
2 - يعتقُ المدبَّرُ بعدَ الموتِ منْ ثلثِ المالِ، فإنِ اتَّسعَ لهُ الثلثُ عتقَ وإلا عتقَ منهُ بقدرهِ، هذَا مذهبُ الجمهورِ منَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ والأئمَّةِ؛ لأنَّهُ تبرُّعٌ كالوصيَّةِ، والوصيَّةُ لَا تجوزُ فِي أكثرَ منَ الثلثِ.
3 - إنْ عُلِّقَ التَّدبيرُ علَى شرطٍ جازَ، فإنْ وُجدَ الشّرطُ دبِّرَ وإلَّا فلَا؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنونَ علَى شروطهم" (¬2) . فلو قالَ: إنْ متُّ منْ مرضِي هذَا، فأنتَ حر، وماتَ تحررَ، وإنْ لم يمتْ فلَا يتحرَّرُ.
4 - يجوزُ بيعُ الدبَّرِ فِي الدَّينِ (¬3) والحاجةِ؛ إذْ باعَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - عبدًا لرجل كانَ قدْ دبَّرهُ لمَا رآهُ فِي حاجة إلَى ثمنهِ (¬4) . وباعتْ عائشةُ - رضي الله عنها - مدبَّرةً لهَا لماَ سحرتهَا (¬5) .
¬__________
(¬1) رواه البخاري (3/ 182) .
(¬2) تقدَّمَ بلفظِ: "المسلمونَ علَى شروطهم" وهوَ صحيحُ الإسناد، ورواهُ أبُو داودَ في الأقضيةِ (12) ورواهُ الترمذي (1352) . ورواه الحاكم (2/ 49) .
(¬3) فى بيعِ المدبر خلاف والصحيحُ أنهُ لَا يباع إلاَّ منْ حاجةٍ كدينٍ ونحوه.
(¬4) صحيح البخاري (8) كتاب العتق ومسلم (59) كتاب الإيمان.
(¬5) رواهُ الشافعي والحاكمُ.

الصفحة 436