كتاب منهاج المسلم

بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) } [لقمان: 17] .
4 - أنْ لَا يتعرَّفَ إلَى المنكرِ بواسطةِ التجسُّسِ إذْ لَا ينبغِي لمعرفةِ المنكرِ أنْ يتجسَّسَ علَى النَّاسِ في بيوتهم، أوْ يرفعَ ثيابَ أحدهم ليرَى مَا تحتهَا، أوْ يكشفَ الغطاءَ ليعرفَ مَا في الوعاءِ؛ إذِ الشارعُ أمرَ بسترِ عوراتِ النَّاسِ، ونهَى عنِ التَّجسس عنهم والتَّجسُّسِ عليهم قالَ تعالَى: {وَلَا تَجَسسُوا} [الحجراتِ: 12] . وقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تجسَّسُوا" (¬1) . وقالَ عليهَ أزكَى الصَّلاةِ والسَّلامِ: "منْ سترَ مسلمًا سترهُ اللّهُ فيِ الدُّنيَا والآخرةِ" (¬2) .
5 - قبلَ أنْ يأمرَ منْ أرادَ أمرهُ، أنْ يعرِّفهُ بالمعروفِ، إذْ قدْ يكونُ تركهُ لهُ لكونهِ لمْ يعرفهُ أنهُ منَ المعروفِ، كمَا يعرِّفُ منْ أرادَ نهيَهُ عنِ المنكرِ بأنَّ مَا فعلهُ منَ المنكرِ، إذْ قدْ يكونُ فعلهُ لهُ ناتجًا عنْ كونهِ لم يعرفْ أنهُ منَ المنكرِ.
6 - أنْ يأمرَ وينهَى بالمعروفِ، فإنْ لم يفعلِ التَّاركُ للمعروفِ ولم يتركِ المرتكب ُ للمنهيِّ وعظهُ بمَا يرقِّقُ قلبهُ بذكرِ مَا وردَ في الشَّرعِ منْ أدلَّةِ التَّرغيبِ والتَّرهيبِ، فإنْ لم يحصلِ امتثالٌ استعملَ عباراتِ التَّأنيبِ والتعنيفِ، والإغلاظِ فيِ القولِ، بأنْ لم ينفعْ ذلكَ غيَّرَ المنكرَ بيدهِ، فإنْ عجزَ استظهرَ عليهِ بالحكومةِ أوْ بالإخوانِ.
7 - فإنْ عجزَ عنْ تغييرِ المنكرِ بيدهِ ولسانهِ بأنْ خافَ علَى نفسهِ، أوْ مالهِ، أوْ عرضهِ، وكانَ لَا يطيقُ الصَّبرَ علَى مَا ينالهُ اكتفَى بتغييرِ المنكرِ بقلبهِ؛ لقولِ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "منْ رأَى منكمْ منكرًا فليغيرهُ بيدهِ فإنْ لم يستطعْ ... " الحديثُ.

الفصلُ السابعَ عشرَ الإيمانُ بوجوبِ محبَّةِ أصحابِ رسولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - وأفضليَّتهمْ وإجلالِ أئمَّةِ الإسلامِ، وطاعةِ ولاةِ أمورِ المسلمينَ
يُؤمنُ المسلمُ بوجوبِ محبَّةِ أصحابِ رسولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - وآلِ بيتهِ وأفضليَّتهم علَى مَن سواهم مِن المؤمنينَ والمسلمينَ، وأنَّهم فيمَا بينهم متفاوتونَ فيِ الفضلِ وعلو الدَّرجةِ بحسب أسبقيَّتهم فيِ الإسلامِ.
فأفضلهمُ الخلفاءُ الراشدونَ الأربعةُ: أبو بكرٍ، وعمرُ، وعثمانُ، وعلي رضيَ اللّهُ تعالَى
¬__________
(¬1) البخاري في حديث أوله: "إياكم والظن ... " (4/ 5) ، (7 /24) (8/ 23، 185) .
(¬2) مسلم في حديث أوله: "مَنْ نفْس عن مؤمن كُربة ... " (38) كتاب الذكرِ.

الصفحة 52