كتاب منهاج المسلم
أبي" (¬1) . وكقولِه فيِ خالدِ بنِ الوليدِ: "سيفٌ منْ سيوفِ اللّهِ مسلولٌ" (¬2) . وكقولهِ فيِ الحسنِ: "ابني هذَا سيدٌ، ولعلّ اللّهَ أنْ يصلحَ بهِ بينَ فئتيِن منَ المسلمينَ" (¬3) . وكقولهِ في أبي عبيدةَ: "لكلِّ أمَّةٍ أمينٌ، وإنَّ أميننَا أيّتها الأمةُ أبُو عبيدةَ بنُ الجرَاحِ" (¬4) . رضيَ اللّهُ تعالَىَ عنهم وأرضاهم أجمعيَن.
5 - يكفُّ عنْ ذكرِ مساوئهم، ويسكتُ عنِ الخلافِ الَّذَي شجرَ بينهم، لقولِ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تسبوا أصحابِي"، وقولهِ: "لَا تتَّخذوهم غرضاً بعدِي". وقولهِ: "فمنْ آذاهم فقدْ آذاني، ومنْ آذاني فقدْ آذَى اللهَ، ومَن آذَى اللَّهَ يوشكُ أنْ يأخذهُ" (¬5) .
6 - أنْ يؤمنَ بحرمةِ زوجاتِ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - وأنَّهنَ طاهراتٌ مُبرَّآتٌ، وأنْ يترضَّى عليهنّ، ويرَى أنَّ أفضلهنُّ خديجةُ بنت خويلد، وعائشةُ بنتُ أبي بكرٍ، وذلكَ لقولِ اللّهِ تعالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] .
وأما أئمة الإسلام من قراء ومحدثين وفقهاء فإنه:
1- يحبهمْ ويترحَّمُ عليهم ويستغفرُ لهم، ويعترفُ لهم بالفضلِ؛ لأنَّهم ذُكرُوا فيِ قول اللّهِ تعالَى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100] . وفي قول الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "خيركمْ قرني، ثمَّ الذِين يلونهمْ، ثمَّ الَّذِينَ يلونهم" (¬6) .
فعامَّةُ القراءِ والمحدِّثينَ والفقهاءِ والمفسِّرينَ كانُوا منْ أهلِ هذهِ القرونِ الثَّلاثةِ الَّذِيَن شهدَ لهمْ رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - بالخيرِ. وقدْ أثنَى اللّهُ علَى المستغفرينَ لمنْ سبقوا بالإيمانِ في قولهِ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10] . . فهوَ إذًا يستغفرُ لكَلِّ المؤمنينَ والمؤمناتِ.
2 - لَا يذكرهم إلاَّ بخيرٍ، ولَا يعيبُ عليهم قولًا، ولَا رأيًا، ويعلمُ أنَّهم كانُوا مجتهدينَ مخلصينَ فيتأدَّبُ معهم عندَ ذكرهم، ويفضِّلُ رأيَهم علَى رأيِ منْ بعدهُم، ومَا رأوهُ علَى مَا رَآه منْ أتَى بعدهمَ منْ علماءَ وفقهاءَ ومفسرينَ ومحدِّثينَ، ولَا يتركُ قولهم إلاَّ لقولِ اللّهِ، أوْ قولِ رسولهِ - صلى الله عليه وسلم -، أوْ قولِ صحابتهِ رضوانُ اللّهِ عليهم أجمعينَ.
3 - أن مَا دوٌنهُ الأئمَّةُ الأربعة: مالكٌ والشَّافعي وأحمدُ وأبو حنيفةَ ومَا رأوهُ، وقالوهُ منْ مسائلِ الدٌينِ والفقهِ والشَّرعِ، هوَ مستمد منْ كتابِ اللّهِ، وسنَةِ رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليسَ لهم إلاَّ مَا فهموهُ من هذين الأصلين أو استنبطوهُ منهمَا، أو قاسوه عليهمَا إذا أعوزهما النص منهما،
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد (3/ 130) .
(¬2) رواه البخاري في صحيحه (3757) .
(¬3) رواه البخاري (4/ 249) ، (5/ 32) .
(¬4) رواه البخاري (5/ 218) ، (9/ 109) .
(¬5) سبق تخريجه.
(¬6) رواه البخاري (3/ 234) ، (8/ 113، 176) . رواه مسلم (214) كتاب فضائل الصحابة.
الصفحة 55