كتاب الهداية على مذهب الإمام أحمد

ومَا ضُبِّبَ بالفِضَّةِ إنْ كانَ كَثِيراً فَهوَ مُحَرَّمٌ بِكُلِّ حَالٍ، وكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَسِيْراً لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَالْحَلقَةِ فِي الإنَاءِ ونَحْوِهَا، وإنْ كَانَ اليَسِّيرُ لِحَاجَةٍ كَشَعْبِ (¬1) قَدَحٍ وَقَبِيْعَةِ (¬2)
سَيْفٍ (¬3) وَشَعِيْرَةِ سِكِّيْنٍ (¬4)، فإنَّ ذلكَ مُبَاحٌ غَيْرَ أنَّهُ يُكْرَهُ أنْ يُبَاشِرَ مَوْضِعَ الفِضَّةِ
بالاسْتِعْمَالِ، ويَسِيْرُ الذَّهَبِ مِثْلُ كَثِيْرِهِ فِي التَّحْرِيْمِ إلاَّ مِنْ ضَرُوْرَةٍ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِعَرْفَجَةَ بنِ أَسْعَدٍ (¬5) لَمَّا قُطِعَ أنْفُهُ أنْ يَتَّخِذَ أنْفاً مِنْ ذَهَبٍ (¬6).
¬__________
(¬1) لِما رواه البخاري 4/ 101 (3109) من حديث أنس قال: ((إن قدح النبي انكسر، فاتَّخذ مكان الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِن فِضَّةٍ))، وفي النهاية 2/ 477: ((أي: مكان الصدع والشق الذي فيه))، وشعب الصدع في الإناء إنما هُوَ إصلاحه وملاءمتهُ ونحو ذَلِكَ. اللسان 1/ 285.
(¬2) القبيعة: التي عَلَى رأس قائم السيف، وَهِيَ التي يدخل القائم فِيْهَا، وَقِيلَ: هِيَ تَحْتَ شاربي السيف، وَقِيلَ: قبيعة السيف رأسه الذي فِيهِ منتهى اليد إِليهِ، وَقِيلَ: قبيعته مَا كَانَ عَلَى طرف مقبضه من فضة أَوْ حديد. اللسان 8/ 259.
(¬3) روى ابن سعد 1/ 487، والدارمي (2461)، وأبو داود (2583)، والترمذي (1691)، وحسَّنه من حديث أنس بن مالك قال: ((كانت قبيعة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فضة))، وانظر: نقد الحديث في تحقيقنا للشمائل: 81.
(¬4) قال الجوهري في الصحاح 2/ 698: ((شعيرة السكين: الحديدة التي تُدْخَل في السيلان؛ لتكون مِسَاكاً للنصلِ)). وانظر: التاج 12/ 190، وَفِي اللسان 4/ 415: ((الشعيرة: هنة تصاغ من فضة أَوْ حديد عَلَى شكل الشعيرة تدخل في السيلان فتكون مساكاً لناصب السكين والنصل)).
(¬5) هو: عَرْفَجَةُ بنُ أسعد بنِ كَرب - بفتح الكاف وكسر الراء بعدها موحدة -: صحابيٌّ، نزل البصرة. التقريب (4554).
(¬6) هذا الحديث اختلف فيه اختلافاً كثيراً:
فأخرجه علي بن الجعد (3264)، وابن أبي شيبة (25255)، وأحمد 4/ 342 و 5/ 23، وأبو داود (4232)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، وأبو يعلى (1501) و (1502)، والطبراني في الكبير 17/ 371 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، أنّ جدّه عرفجة بن أسعد أصيب أنفه ... مرسلاً، وهو المحفوظ، كما في تهذيب الكمال 17/ 192.
وأخرجه أحمد 5/ 23، وأبو داود (4233)، والترمذي (1770) وفي علله (533)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والنسائي 8/ 163 و164، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 257 و258، وابن حبان (5462)، والطبراني في الكبير 17/ (369) و (370)، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبدالرحمان بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد، قال: أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية ... الحديث.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه أبو داود (4234)، والبيهقي 2/ 426 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، عن أبيه، أن عرفجة ... فذكر معناه مرسلاً.

الصفحة 48