كتاب الهداية على مذهب الإمام أحمد
وإنْ أذِنَ لَهُ أنْ يُكفِّرَ [بالعِتقِ] (¬1) فَهلْ يَصِحُّ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (¬2):
إحداهما: لا يَجزي، وَالثَّانيةُ: يَجزي وَهِيَ اختيارُ أبي بَكرٍ وَفرَّعَ عَلَيْهَا إنْ /411 و/ أُذِنَ [لَهُ] (¬3) في العِتقِ فَأعتَقَ نَفْسهُ فهَلْ يَصِحُّ عَلَى وَجهَينِ (¬4):
أحدُهُما: يَصِحُّ وإنْ عَتقَ وَيَجزِي والآخرُ: لا يَجزي، وَقَدْ ذكرنَا صِفَاتِ الكَفَّارةِ ومَا يَجزي مِنَ العِتقِ والإطعَامِ والكِسوَةِ. واَلصِّيامِ في بَابِ كَفَّاراتِ الظِّهارِ مِمَّا يُغني عَن ذكرِهَا هَاهُنَا.
بابُ النُّذورِ
لا يَصِحُّ النَّذرُ إلاّ مِنْ بَالِغٍ عاقِلٍ سَوَاءٌ كَانَ مُسلِماً أو كَافِراً. ولا يَنعقِدُ إلاّ بِالقَولِ، فَإنْ نَواهُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ لَمْ يَلزمْ.
وَالنُّذورُ تَنقَسِمُ سِتَّةَ أَقسَامٍ (¬5):
أحدُها: نَذرُ لَجاجٍ وَغَضَبٍ نَحْوُ أنْ يَقُولَ: إنْ كَلَّمتُ فُلاناً فَما لِي صَدقَةٌ، إنْ دَخلتُ الدَّارَ فَعلَيَّ الحجُّ، إنْ لَمْ أَضرِبْ فُلاناً فَعلَيَّ صَومُ سَنَةٍ، فَهذَا صورَتُه صورَةُ اليَمينِ إنْ وفّى بِما قَالَ فَلاَ شَيءَ عَلَيْهِ، وَإنْ لَمْ يَفِ بِذَلِكَ فَهُوَ مُخَيّرٌ بينَ أنْ يفعَلَ نَذرَهُ أو يُكفِّرَ كَفَّارةَ يَمينٍ، فإنْ قَالَ: إنْ كَلَّمتُ زَيداً فَعبدِي حُرٌ فكَلَّمهُ عتقَ العَبدُ لِوجودِ الصِّفَةِ لا لِلوفَاءِ بالنَّذرِ. والثَّانِي: نَذر طَاعَةٍ وَبرٍّ مِثْلُ أنْ يَقُولَ: للهِ عَلَيِّ أنْ أَتصَدَّقَ بِمالِي أو أنْ أَحجَّ حَجَّتَينِ أو أنْ أصُومَ سَنةً عَينَها فَهذَا يَلزمُهُ الوفَاءُ بما نَذَرَ إلاّ أَنَّهُ في جَمِيْعِ مالِهِ يَلزمُهُ الثُلثُ وَفِي صَدَقةِ ألفِ درهَمٍ منْ مَالِهِ يَلزمُهُ الْجَمِيْعُ، وَعَنْهُ (¬6) يَجزيه ثُلثُ ألفٍ أَيضَاً.
¬__________
(¬1) في الأصل ((بالعتق صح)) وحذفناها ليستقيم الكلام، وهو المذكور في كتب المذهب.
انظر: الهادي: 248.
(¬2) نقل أبو طالب لَيْسَ لَهُ أن يعتق وإن أذن لَهُ سيده، لأَنَّهُ ملك لمولاه. الرِّوَايَتَيْنِ والوَجْهَيْنِ 204/ب
وانظر: مسائل ابن هانئ 2/ 87، والمغني 11/ 274، والكافي 4/ 387، وشرح الزَّرْكَشِيّ 3/ 431.
(¬3) في الأصل ((لها)).
(¬4) قَالَ أبو بَكْر يتخرج عَلَى قولين أَحَدهما يجزيه لأن الإذن مُطْلَق فَهُوَ عام فِيهِ وَفِي غيره والثَّانِي لا يجزيه لأن المأمور لا يدخل تحت الأمر. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوَجْهَيْنِ 205/أ، الكافي 4/ 387، وشرح الزَّرْكَشِيّ 3/ 431.
(¬5) اختلف في أقسام النذور فمنهم من زاد عَلَى ستة ومِنْهُمْ من قلل عن ذَلِكَ ومنهم ساوى ذَلِكَ.
انظر: المقنع: 322، والمغني 11/ 332، والشرح الكبير 11/ 333، وكشاف القناع 6/ 269.
(¬6) روي عن أحمد أَنَّهُ يجوز ثلثه لأَنَّهُ مَالِك نذر الصدقة بِهِ فأجزأه ثلثه كجميع المال. والصَّحِيح في المذهب لزوم الصدقة لجميعه لأَنَّهُ منذور وَهُوَ قربه فيلزمه الوفاء بِهِ. المغني 11/ 341، =
الصفحة 561