كتاب الهداية على مذهب الإمام أحمد
رِوَايَةِ المَيْمُونِي (¬1) وَذَكَرَهُ الخِرَقِي ذَلِكَ في حَقِّ أهْلِ الذِّمَةِ (¬2) وَقَدْ غَلَّظَ اليَمِيْن في القِسَامَةِ وَاللِّعَانِ بِزيَادَةِ العَدَدِ وَقَدْ بيَّنا ذَلِكَ في مَوضِعِهِ وَلا تُغَلَّظُ اليَمِينُ إلاّ فِيْمَا لهُ خَطَرٌ مِثْلُ: الجِنَايَاتِ وَالحُدُودِ وَالطَّلاقِ وَالعِتَاقِ وَنَحوِهَا وَفِي المَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَقِيلَ: مَا تَقْطَعُ بِهِ يَدُ السَّارِقِ وَإنْ رَأَى الحَاكِمُ اسْقَاطَ التَّغْلِيظِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ تَارِكاً للسُنَّةِ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ حَلَفَ عَلَى البَتِّ إثْبَاتَاً كَانَ أو نفياً وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَإنْ كَانَ إثْبَاتاً حَلَفَ عَلَى البَتِّ، وَإنْ كَانَ نَفْياً حَلَفَ عَلَى نَفِي علْمِهِ، وَمَنْ تَوجَهَ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ فَقَالَ: أحْلِفُ يَمِيناً وَاحِدَةً لِلجَمَاعَةِ، إنْ رَضُوا بِذَلِكَ جَازَ وَإنْ أبَوَا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِيناً، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ أقَامَ المُدَّعِي البَيِّنَة بِذَلِكَ قَضَى بِالبَيِّنَةِ وَسَقَطَ اليَمِينُ ولا يَسْتَحْلِفُ في شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللهِ تَعَالَى كَالحُدُودِ وَالعِبَادَاتِ وَيَسْتَحْلِفُ في كُلِّ حَقٍ لآدَمِيٍ إلاّ فِيْمَا لا يَجُوزُ بَدَلُهُ وَهُوَ تِسْعَةُ أشْيَاءَ: النِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ، وَالطَّلاقُ، وَالرَّقُ، وَالاسْتِيلادُ، وَالوَلاءُ، وَالنَّسَبُ، وَالقَذْفُ، وَالقِصَاصُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: في القِصَاصِ وَالقَذْفِ وَالطَّلاقِ رِوَايَةٌ أخرَى أنَّهُ يُسْتَحلَفُ فِيْهَا (¬3) والسِّتْةُ البَاقِيَةُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لا يُسْتَحلَفُ فِيْهَا وَيَتَخَرَّجُ لَنَا أن /449 و/ يَسْتَحلِف في كُلِّ حَقٍ لآدَمِي، فَإنْ نَكَلَ رَدَدنَا اليَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ، فِإذَا حَلَفَ قَضَينَا عَلَيْهِ وَقَدْ بَيَّنا أنَّ لَنَا في رَدِّ اليَمِينِ رِوَايَتَينِ (¬4)، وَقَدْ قَالَ الخِرقِي: إذَا قَالَ: ارْتَجَعتُكِ فَقَالتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ فالقَولُ قَولُهَا مَعَ يَمِينِها (¬5)، وَإِذَا آلى مِنْهَا وَاخْتَلفَا في مُضِي الأرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَالقَولُ قَولُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ وَإِذَا أوْجَبَ الحِلْفُ في انْقِضَاءِ العِدَّةِ وَبَقَاءِ مُدَّةِ الإِيلاءِ وَذَلِكَ مِمَّا لا يَصُحُ بَدَلُهُ فَكَذلِكَ بَقِيَةُ الأشْيَاءِ وَقَالَ أبو بَكْرٍ في "التَّنْبِيهِ" يَسْتَحْلِفُ الْقَاضِي في كُلِّ الدَعَاوِي إلاّ في الحُدُودِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلاقِ (¬6).
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا فَرضٌ عَلَى الكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهَا مَنْ فِيهِ الكِفَايَةُ سَقَطَ عَنِ البَاقِيْنَ، فَإنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ تَقَعُ بِهِ الكِفَايَةُ غَيرَهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَرضُ الشَّهَادَةِ أنْ يَأخُذَ عَلَيْهِ
¬__________
(¬1) انظر: المغني 12/ 115.
(¬2) ظاهر كلام الخرقي - رَحِمَهُ اللهُ - أن اليمين لا تغلظ إلا في حق أَهْل الذمة وَلاَ تغلظ في حق المسلمين. ونحو هَذَا قَالَ أَبُو بَكْر. المغني 12/ 114، الشرح الكبير 12/ 145.
(¬3) يستحلف فيها، لأنها دعوى صَحِيْحَة يستحلف فِيْهَا كدعوى المال. الشرح الكبير 12/ 137، وانظر: المقنع: 352.
(¬4) فِي الأصل: ((روايتان)).
(¬5) انظر: المقنع: 352، والمغني 12/ 127.
(¬6) انظر: الشرح الكبير 12/ 137.
الصفحة 592