كتاب الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد

8 - ا لاستصحاب
بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد الصادرة عن كلية الحقوق
بجامعة القاهرة، السنة الحادية والعشرون (سبتمبر - ديسمبر 1 95 1 م (العددان
(3، 4 (ويقع في (17 (صفحة.
يعد هذا البحث باكورة إ نتاجه العلمي في أصول الفقه، وهو ينم عن تضفعه
في هذا الفن، وتمكنه منه، فقد طرح فيه موضوعاً أصولياً شائكاً، اختلفث فيه
وجهات النظر، وتعددت فيه أ قوال الأصوليين، ا لا وهو الاستصحاب.
ويتضمن هذا البحث تمهيد ومبحثين وخاتمة.
بئن في التمهيد أدلة الأحكام الشرعية، وانها ليست في مستوى واحد من
القوة، ولا في درجة واحدة من الدلالة، فأعلاها الكتاب والسنة والإجماع،
ويليها مباشرة القياس، ولم يسلم من الخلاف في الاستدلال به، ويلي هذه
الأدلة ادلة اخرى وهي دون تلك الأدلة الأربعة قوة، وأضعف منها منزلة،
اختلف الفقهاء والأصوليون في جواز اتخاذها دليلاً شرعياً يجب العمل به، ومن
بين تلك الأدلة المختلف فيها الاستصحاب.
وفي المبحث الأول تكلم عن حقيقة الاستصحاب، فبثن معناه في اللغة
وفي الاصطلاح وهو: "استبقاء حكم ثبت فيما مضى بدليل آخر، واعتباره
مستمراً وقائماً موجوداً في الزمن الحاضر حتى يتغير أ و يرتفع بدليل " (1)، ويقوم
هذا المعنى على أساس بقاء ما وجد من الأحكام مستتبعة لاَثارها، مستلزمة
لنتائجها، إلى أن يغيرها الشارع أو ينسخها بدليل، وعلى هذا يجب اتباعها
وترتيب نتائجها عليها، والاحتجاج بوجودها حتى ترتفع أو تتغير. والحكم
السابق إما ان يكون ثابتاً عن طريق العقل أو عن طريق الشرع.
فإن كان طريقه العقل: كالحكم بعدم تكليف الصغير والمجنون،
فالحكم باق مستمر لا ينقطع، وأما إن كان طريقه الشرع: فإما أن يكون دليل
(1) ا لاستصحاب للخفيف، ص 2.
140

الصفحة 140