وعلى هذا الأصل شرعت أحكام كثيرة منها: الحكم القاضي بأخذ الملك
من صاحبه جبراً لأجل مصلحة عامة: كشق طريق، أو توسيع مسجد: كما فعل
عمر رضي الله عنه حين ضاق المسجد الحرام على الناس، وفي رعاية مصلحة
المجموع رعاية لمصلحة كل فرد من ناحية أنه جزء منه، ومصلحة عائدة إليه.
فكان ذلك هو الواجب مراعاته، دون نظر إلى ما قد يعارضه من المصالح
الفردية.
ب - المقصد الثاني: التيسير على الناس، وهو مستبين في جميع
احكامها، واضج في كل دلائلها، ظاهر في خُلق النبي ع! ي! الذي جاء بها وبيَّنها،
وعلى هذا الأساس كان التكليف في الشريعة على حسب الوسمع، وكان الأمر فيها
على قدر الطاقة، وجانبت في احكامها الحرج والمشقة، وعلى هذا الأساس
ايضاً رُوعيت الأعذار الطارئة التي يشق معها الحكم ويتعاسر، فرفع أو استبدل
بما هو أيسر منه، وكذا أبيح للمكره أن يتلفظ بالكفر وقلبه مطمئن بالإيمان،
وأبيح أكل الميتة وشرب الخمر عند الضرورة، وأُبيح الفطر في السفر وعند
المرض في رمضان، وقصرت الصلاة في السفر، وكان من قواعد هذ 5 الشريعة:
(الضروراب تبيج المحظورات) وعليها بُني كثير من الأحكام.
ومن مظاهر التيسير والقصد إليبما التدرج في بيان هذه الشربعة وفي تكاليف
الناس ببعض أحكامها حتى لا يُرهقوا بتكاليفها دفعة واحدة، ولا تعنتهم
مطالبتهم بترك ما اعتادو 5 مرة واحدة، فأنزل القرآن مفرقاً على حسب الحوادث،
وكذلك كان شأن السنة، لم يأتهم بها الرسول بم! ي! إلا مفرقة مجزأة على حسب
مقتضيات الأحوال.
ومن مظاهر التيسير أيضاً درء الحدود بالشبهات، حتى لا يقام حد مع
شبهة تشكك في وجوبه، لأن في إقامة الحد مع الشبهة حرجاً يثيره احتمال
البراءة، وعدم اطمئنان النفس إلى استحقاق العقوبة.
! - المقصد الثالث: العدل بين الناس، فليس لأي شريعة منه مثل ما
للشريعة الإسلامية فيه من حظ، فقد عُنيت ببيان ما للناس من حقوق، فحافظت
145