وأما النوعان الاَخران من شهادات الاستثمار فقدكُينها على أنهما مضاربة،
ثم ذكر أ وجه الاتفاق بينهما واوجه ا لاختلاف، ورد على ما يرد من أ وجه اختلاف،
واعتبرها شروطاَ وأحكاماَ لا تستند إلى نص من كتاب أو سنة صريحة، وإنما
ترجع إلى العرف والاجتهاد والنظر، فلا تؤثر في تكييف عقد الاستثمار بأنه
مضاربة وبالتالي يجوز، هذا بناء على من يقول إنها مضاربة لا تجوز. ولكن
الشيخ يرى أنهما عقدان جديدان مستحدثان. وسبق تفصيل لهذ 5 القضية في
الفصل الأول.
ثم بئن الأصول التي يبني عليها الفكر التشريعي وهي:
ا - تقييد إرادة الإنسان واختياره وماله من حقوق بأن لا يجعل لهوا 5 ولا
لشهواته سلطاناَ عليها، وان لا يجعل لحقوقه طغياناَ على حقوق غيره بإلحاق
الضرر بذلك الغير.
ب - إن جميع ما في الكون من مال وملكٍ ملكٌ لثه تعالى، وملكية الناس
للأموال إنما تتمثل في حق الانتفاع بها على الوجه المشروع منها، وحق الولاية
عليها بالتصرف والتنمية والاختيار في وسائل إنمائه، ويترتب على ذلك أن ليس
للإنسان الإرادة المطلقة في التصرف في المال وتنميته، بل يجب أن يراعي في
تصرفه أن لا يؤدي إ لى الإضرار بنفسه او بغير 5 او بالجماعة.
كما يترتب على ذلك ان يلتزم الإنسان بجميع الحدود التي رسمتها
الشريعة في طرق تحصيله وتنميته وحفظه وصرفه، بحيث يراعي عدم استغلال
الضعف البشري، وعدم اكتناز الما ل، وعدم إ نفاقه في محظور، وعدم الإسراف
فيه، وعدم تخطي قواعد التعاقد العامة التي جاء بها الإسلام.
جى - يقيم الإسلام مجتمعه على ألسس قويمة تصونه من الأنانية الفردية في
المعاملة والسلوك، ومن طغيان نوازع النفوس التي تدعو إلى الشر، وتوقد نار
العداوة والبغضاء، وتؤدي إلى الفساد والفرقة والتنابذ والفشل، ولهذا أوجبت
الشريعة على القوي إعانة الضعيف، وعلى الموسر إ طعام الجائع، وعلى القادر
إغناء الفقير والمسكين، كما أوجبت الدفاع عن الضعفاء ودفع الأذى والهلاك
عن كل من تعرض له.
190