كتاب الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد

الوطنية والأجنبية، ودرس مناهجها ونظمها، اعد تقريراً يتضمن إنشاء هذا
المعهد، وما يحتاج إليه من ميزانية، وعرض الأمر على الخديوي عباس؟ فوافق
فوراً، واختار جامع ابي العباس مكاناَ للدراسة. وهو يهدف إلى إعداد طالب
كفء يلتزم بالنظم الحديثة في التكوين العلمي والخلقي (1).
وقد عمل مدير المعهد الشيخ محمد شاكر على النهوض به من حيث
المدرسون والطلاب والمناهج والأبنية، فاختار له المدرسين والأساتذة اكفاء
من مدرسي الأزهر وعلمائه، وكان المدير يراقب الدروس مراقبة فاحصة،
ويطلب من الأساتذة استخدام الوسائل التربوية الحديثة، مما ليس للمعاهد
الدينية الأخرى عناية بها.
واختار له من الطلاب من تبدو عليه ملامح النبوغ والنباهة، وأذكى فيهم
روح الجد والمثابرة، وقام على شؤونهم بعزيمة نافذة، وفكر موفق، فالِف
الطلاب النظام ودرجوا عليه، والف الأساتذة ضبط المواعيد ورعوا حدودها،
وواظبوا على إلقاء الدروس، وتنظيم ساعات العمل، والتقيد بمنهاج مرسوم
وفق زمن محدد ومراحل دراسية متتالية.
واستطاع المدير أن يحصل من المسؤولين على جوائز مالية للطلبة
المتفوقين، لإثارة روح التنافس بينهم، وفتح عيونهم على ما يجب ان يكون
عليه خريج المعهد من حيث اليقظة الفكوية، والإسهام الحقيقي في هداية
الناس.
وكان المدير في نهاية كل عام دراسي يعد تقريراَ عن سير المعهد، يوضح
فيه مناهج الدراسة، وسير الطلاب والمدرسين، ويضمنه خطبته التي يلقيها في
الحفل الجامع الذي توزع فيه الجوائز على المتفوقين، وهو تقرير يدل على
تمكنه من أساليب التربية والتعليم.
وأما الأبنية فلم تقف عند مسجد أبي العباس، وإنما بنى بناءَ ضخماَ
(1) النهضة ا لإسلامية للبيومي: 3/ 8.
21

الصفحة 21