كتاب الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد

ومن المشكلات العويصة التي تثور في بحث الدفاع الشرعي مسألة
استعمال الأجهزة الأتوماتيكية للذود عن المال: كحالة من يركب جهازاً على
باب خزانة من شأنه أن يتفجر ويصيب اللص إذا حاول فتحها، وقد يصيبه
بإصابات بالغة قد تودي بحياته. وكذلك حالة من يطلق تياراً كهربائياً حول سور
بستانه مثلأ، فيصعق التيار من يحاول ان يتسلق ويتخطى السور، في مثل هذ5
الحالات وما إليها هل تنهض المسؤولية قبل صاحب الخزانة أو صاحب البستان
الذي لجأ إلى تلك الوسيلة لحماية ماله؟
كانت هذه المساًلة مثار جدل وخلاف شديد بين الشراح، وبين المحاكم
ايضاً، وخاصة في فرنسة.
لقد عجبت إذ وجدت أن هذه الحالة لم تغب عن اذهإن فقهاء الشريعة
السابقين، فقد افترضوا أن شخصاً حفر حفرة في مدخل بستان وغطاه! بأعشاب،
فسقط فيها لص حاول ان ينفذ إلى الداخل للسرقة واصيب بجراح بالغة، وأن
اَخر أطلق كلباً عقوراً لحماية البستان، فانقض على شخص حاول الدخول
وعقره، واحدث به إصابات جسيمة، في مثل هذه الأحوال هل يجوز مؤاخذة
صاحب البستان ها لى اي مدى؟ المشكلة واحدة وإن اختلفت أمثلتها، وقد أدلى
الفقهاء الذين عرضوا لها بما يدل على حصافة الراي والدقة والعمق في التفكير.
ثم قال: والسيد الجليل يقصد (الشيخ الخفيف) من خيرة من عُنوا بهذه الناحية
كما يتجلى من مؤلفاته وابحاثه العديدة " (1).
جـ - أن نتبين المواضع الجديدة التي اجتهد فيها غيرنا، وسبقوا فيها
بالتشريع والفتوى، في حين لم نقدم فيها نحن ما يليق بفقهنا لحدوثها بعد عصور
الاجتهاد والتخريج، أو في عصرنا هذا بعد تعطيل الفقه الإسلامي عن العمل
والحكم، واكتفائنا بالموقف السلبي العاجز: موفف الاستيراد لا الإبداع،
موفف التسول من الغير لا الاعتماد على النفس. وعندئذ نجتهد في تلافي
(1)
كلمة الدكتور محمد مصطفى الفللي في حفل استقبال الشيخ علي الخفيف في
مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مجلة المجمع: 25/ 9 0 2 - 1 1 2.
34

الصفحة 34