كتاب الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد

تلك المقومات قد تحققت فيه، فهو قوي المدارك، يعرف مقتضى الكلام
ومعناه، ولديه من الفطنة والذكاء ما يؤهله لذلك، قال عنه الدكتور أحمد
الحوفي: " يحرص على الاستماع اكثر مما يحرص على المقال، ويصغي إلى
الاراء المتشابكة في يقظة صما دراك، ثم يتخير اصوبها، ويدلل على صحته " (1).
وحفظ القراَن الكريم وهو في الصغر، وعرف السنة النبوية وتضلع في
اللغة العربية، وكثيراً ما كان ينبه في ابحاثه إلى مقاصد الشريعة الإسلامية،
ويدقق ويحرر في قضايا أصول الفقه.
وتمكن من علم الفقه بما فيه من مواطن اتفاق واختلاف، قال الدكتور
إبراهيم مدكور فيه: "تمكن من الفقه تمكناً لا يجاريه فيه كثير من معاصريه،
حذقه في بصر وبصيرة، ومارسه علماً وعملاً وضم إليه قدراً غير قليل من علوم
القانون، فتوافرت له اسباب الاجتهاد" (2).
وقد أضاف إلى علم الفقه والقانون بعض علوم عصره من إدارة واجتماع
وطبيعة وطب وغير ذلك من العلوم التي جعلته قادرإً على أن يحكم على بعض
الأقوال الفقهية الموروثة بالضعف أو الصحة أو الرجحان، وقد ظهر هذا جلياً
من خلال مؤلفا ته، فقد جاء في كتاب (فرق الزواج) تحت عنوان (طلاق المريض
مرض الموت): "وقد ذكر له الفقهاء أ مارات اختلفوا فيها: فذكر بعضهم أنه
ما يلزم صاحبه الفراش، وذكر آخرون أنه ما يمنع صاحبه القيام بعمله العادي،
وذكر غيرهم أنه ما لا يستطيع صاحبه المشي إلا بمعين، وقيل: ما لا يقدر
صاحبه على الصلاة. . وهكذا اختلفوا في أماراته، إذ لم يكن لهم خبرة كافية
بالأمراض واَثإرها، ا ما الآن وقد تقدم الطب، وعملت الإحصاءات عن الوفيات
بالأمراض، ودرست اَثإرها، فالواجب أن يلجأ في معرفة ذلك إلى الاطباء،
فمن الأمراض ما يغلب معها ا.! لاك، وليست لها تلك الأمارات التي ذكروها،
(1)
(2)
مجلة مجمع اللغة العربية، كلمة الحولْي في حفل التأبين: 46/ 172.
مجلة مجمع اللغة العربية، كلمهّ الدكتور إبراهيم مدكور في حفل تابينه:
167/ 46.
40

الصفحة 40