كتاب الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد

صورة أصول منهجية لمعالجة القضاي! المستجدة، فذكره في مقدمة بحثه
لشهادات الاستثمار - أصول البحث، وهي (1):
الأصل الأول: للناس في مجال المعاملات المالية التي تتوقف عليها
معايشهم، وتتوفر بها مصالحهم، أن يستحدثوا من العقود - في حدود الشريعة
واصولها - ما تدعو إليه حاجاتهم، وتحملهم عليه مصالحهم، دون أن يلحقهم
حرج بهذا الاستحداث؟ لأن العقود ما شرعت إ لا لتكون وسيلة لسد الحاجات،
وطريقاً لنيل المصالح، ولذا أقر الشارع الإسلامي - حين جاءت شريعته إلى
الناس - ما كانت عليه المعاملة في جزيرة العرب بعد أن حرَّم الضار منها، وكمل
الناقص، وأصلح الفاسد، وهذَّب المعيب، ورخص للناس في عقود لا تتسق
مع سنته حين رأى حاجتهم إليها، وجرى عرفهم بها، مع تغاضيه عما قد يحدث
من ضرره. . . وفي سبيل وفائها بإلغرض منها اوجب الوفاء بها عامة، فجاء في
الكتاب الحكيم: " جماَيهُا اَلَذِيى ءَامَنُوا أَؤفُوا ياَئعُقُود " 1 المائدة: ا)، دون ا ن
يفرق بين عقد معروف وعقد مستحدث جديد، حاشا عقداً حرمه لما له من ضرر.
ذلك هو القول الحق والمذهب السليم، والقول بخلافه - وإن ذهب إليه
كثير من الفقهاء فيما يطهر في بعض ما عللوا به بعض الأحكام - لا تقوم به
مصالح الناس، ولا يصلح معه أمر معاشهم، ولا يتسق مع تطور المعاملات
وكثرة المخترعات، وتتابع المكتشفات، وما يستتبعه كل ذلك من اختلاف
وتغير في وسائل الانتفاع وطرقه وأوضاعه.
ا لأصل الثاني: إن تعامل الناس بعقد على صورة معينة جرى بها العرف لا
يصلح وحده دليلاً على ان اي خروج على صورته، او اي خلاف لوضعه محظور
شرعاً؟ لأنه إذا كان من شروطه ما أوجب الشارع مراعاته، وكان الخروج أ و
الخلاف في هذا النوع من الشروط، فإن حظر الشارع للانحراف عنه حينئذٍ
لمخالفة ما اوجب الشارع مراعاته، والزم الناس بإتباعه.
(1) حكم ا أ! ثريعة على شهادات الاستثمار للخفيف، ص 9 - 9 1.
49

الصفحة 49