كتاب الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد

أما إذا كان الخلاف فيما لم يرد فيه إيجاب ولا إلزام الناس باتباعه، وإنما
كانت مراعاته في التعامل والتمسك به بحكم العادة، وعرف الناس فيه، وسكت
الشارع عن حكم مخالفته؟ فإن الخلاف حينئذ يكون انحرافاً عن أمر سكت عنه
الشارع، ولم يبين حكم مخالفته، والحكم في مثله الإباحة، تطبيقاً لمبدأ
الإباحة الأصلية فيما سكت عنه الشارع.
والأمر الجدير بالنظر والبحث هو متى نعد العقد الذي يجري به التعامل
عقداً جديداً مستقلأً مستحدثاً، يجوز التعامل به شرعاً تطبيقاً للأصل الأول
السابق بيانه، لا ينظر فيه إلى ما فقده من شروط وأوصاف روعيت في غيره من
العقود، ولا اعتداد فيه حينئدٍّ إ لا بما استقر عليه التعامل.
ومتى نعده عقداً ملحقاً بعقد شبيه به من العقود التي عرفها الشارع إذا
لاحظنا أنه قد فقد شرطاً من شروطه التي اشترطها الفقهاء فيه اجتهادأ منهم،
ورتبوا على عدمها بطلان العقد أو فساده، وعندئذٍ يعطى الحكم الذي رتبه
الفقهاء على ذلك من بطلان أو فساد، فلا يجوز التعامل به، ولا يلتفت إلى
جريان العرف به؟ لاعتبار العرف حينئذ عرفاً فاسداً، لجريانه على هذه الصورة
الفاسدة.
إن إلحاق العقد المستحدث بأحد العقود المسماة (1) يتطلب وجود شبه
بين العقدين في الأركان والعناصر والقصد من العقد، وغرض العاقدين منه،
وإلا يعد جديداً مستحدثاً، فلا يلحق بأحد العقود المسماة لمجرد وجود شبه
بينهما، فالأيسر بالناس والبعد بهم عن الحرج وصلاح أمورهم أن العقد إذا
جرى به التعامل ورضيه الناس وأقبلوا عليه مع مخالفته لعقد آخر شبيه به فيما لم
يوجب الشارع مراعاته أن يعد عقداً مستقلاًّ مستحدثاً في حدود الأصول
الشرعية، وفي الإطار الذي يحقق أغراضها، وفي سبيل الهدف الذي أراده
الشارع من شريعته، وعندئذٍ يكون عقداً مشروعاً واجب الوفاء لعموم قوله
تعالى: " جمأَيهُا اَلَذِيررءَامَنُوَأ أَؤفُوأ ياَتحُقُ! دِ" ا المائدة: ا،.
(1) هي العقود التي لها قواعد وأحكام خاصة تقتضيه طبيعتها وغاياتها. (الناشر)
50

الصفحة 50