كتاب الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد

يكون منها في الامصار ما لم يصل إليها منها، فيترك العمل به، كما تدل على
ذلك عبارته: "إن أصحاب رسول الله قد تفرقوا في البلاد، فافتى كل في مصره
بما راى ".
أما في زماننا فقد جمعت السنة وعرفت، فلن يترك منها شيء، ثم لن
يكون ما ستلزم به دولة من الأحكام الشرعية بمضيع عليها حكماً إلا ما يرى ان
غير 5 خير منه،! اذا كان حق ولي الأمران يختار من المذاهب ما يرى المصلحة
فيه، وكان رد ذلك إلى رأيه وتقديره امراً جائزاً، فاولى ان بكون ذلك إلى هيئة
تتكون من الفقهاء الموثوق بهم، اهل النظر والبصر بالأمور، إذ إن اختيارهم
أحكم وأوثق، وبخاصة إذا وثق بموافقة ولي الأمر. ومن المصلحة أن لا يترك
للقضاة اختيار من الأحكام، وإنما يكون اختيارهم حسبما تقتضيه المصلحة في
الجزاءات التعزيرية بين حد أعلى وحد ادنى، كما هو الحال في القوانين
الوضعية، وليس في ذلك خروج عن الشريعة الإسلامية لأنه تقدير عقوبات
تعزيرية متروك إلى القاضي ليراعي فيه الجريمة واَثارها وحال من اقترفها" (1).
هذا من الناحية الفكرية والنظرية، اما من الناحية العملية فقد شارك رحمه
الله في لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية المصري كما بينت سابقاً.
را بعأ - تلا ميذه:
لقد لاقت دعوة الثيخ علي الخفيف رحمه الله لتجديد الفقه آذاناً صاغية،
فتأثر به عدد لا يحصى من الطلاب الذين تتلمذوا على يديه في كل من مدرسة
القضاء الشرعي، وكلية الحقوق بجامعة القاهرة، ومعهد الدراسات العربية
العالية التابع لجامعة الدول العربية، وجامعة بغداد وجامعة الخرطوم، وقد
أكرمه الله تعالى، فمد في عمره، حتى رأى أبناءه التلاميذ اساتذة وفقهاء،
وشاهد أحفاد 5 أساتذة وعلماء، وأدرك أبناء احفاده متخصّصين فى الفقه
والقانون وهم جميعاً يدينون له بالفضل والأستاذية، ومن هؤلاء:
(1) ا لإسلام وتفنين الأحكام لعبد الرحمن الفاسم، ص 23 - 4 2.
59

الصفحة 59