كتاب بين العقيدة والقيادة

وابتعاده عن الالتواء في القول أو الفكر أو الاتجاه، فهو يسير بفكره وقوله وعمله في خط مستقيم، كاستقامة قامته؛ والخط المستقيم يعرف ابتداؤه، كما يُعرَف وسطه وانتهاؤه.
وكانت مجالس نتبادل فيها الحديث على نور من الله، وروحانية نفوس، واستقامة قلوب بيننا؛ فكنت أتذكر في هذه الصحبة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله ناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانهم من الله"، قيل: "ومن هم يا رسول الله"؟ قال: "قوم تحابُّوا بروح من الله على غير أرحام تربطهم، ولا أموال يتعاطونها؛ والله إنهم لنور، وإنهم لعلى نور؛ لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس"، ثم تلا قوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
تذكرت هذا الأثر النبوي إذ اكتمل بالعمل جمعنا، لكني ولست ممن يتسامى إلى هذه المكانة، وأحسب أن صاحبي يتسامى إليها، أو إني أرجو ذلك له.
3 - وقد جمع الله تعالى لصديقنا اللواء خطاب من الصفات ما تسمو به واحدة منها عن سفساف الأمور، وتتجه به إلى معاليها.
أولها: الإخلاص في القول والعمل؛ والإخلاص إذا كان في قلب أشرق، وقذف الله تعالى فيه بنور الحكمة، وكان تفكيره مستقيماً، ولسانه قويماً، وعمله حكيماً، فلا يكون التواء، ولا عوج.
وثانيها: الإدراك الواسع، والعلم بما حوله، وتعرف الأمور من وجوهها، وإداركها من مصادرها؛ فقلمه نقي، وله فكر ألمعي.

الصفحة 11