كتاب بين العقيدة والقيادة
مستيقناً مذعناً لاعتقاده، فهو حامل عقيدة، وإن كانت مخطئة؛ نعم إنه يجب عليه أن يطلب الحق ويهتدي بهديه، وإنه مؤاخذ فيما إذا قصر في طلب الحق، أو وصل إليه ولم يؤمن به جهلاً أو عصبية، أو قال: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}.
ولكنه ما دام معتقداً عقيدة تدفعه وتبعده عن الشهوات، فعنده عقيدة، وهو خير ممن لا اعتقاد له، ولقد قرر الفقهاء أن من له دين خير ممن لا دين له.
ولقد التقى الإمام محمد عبده في أثناء رحلاته بعابدة زاهدة، فاسترعاها سمت الإمام - رضي الله عنه - ونور إيمانه، فقالت: "ما كنت أظن في غير الكاثوليكية تديناً".
فهذه وأشباهها لها عقيدة، وإن كانت غير صحيحة.
وأبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - قال لقائده الذي أرسله إلى الشام، قال له: "إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم في الصوامع، فدعهم وما زعموا".
وإن هذا يدل على أن الاعتقاد له أثر في توجيه النفس سواء أكان صحيحاً سليماً، كالعقيدة الإسلامية الطاهرة المستقيمة، أم كانت غيرها؛ فإنها باعثة على العمل مانعة للشهوات، إن كان فيها زهاوة؛ فلا ضير على الكاتب أن يستشهد على قوة العقيدة وأثرها في القيادة بكلام القواد الغربيين وعلى رأسهم مونتكومري، لأنه انتصر في أقرب معركة إلينا، ولأنه لا يزال حياً يُرجَع إليه فيما يقول.
وقد علل الكاتب الكبير إيثاره الابتداء بالقواد الغربيين،
الصفحة 15
608