كتاب بين العقيدة والقيادة

الرضا إلا أن يحس بأنه يعمل في ظل عدالة لا تحابي ولا تماري، ولا تضنّ على أن يُعطى كل ذي حق حقه.
ثالثاً- أن العقيدة وإخلاص المؤمن لها، وإذعانه لما تتقاضاه منه؛ تجعله حريصاً على جنده، يحنو عليهم ويقرب منهم؛ والقائد يقود نفوساً، ولا يرصّ بنياناً؛ ومن يقود النفوس عليه أن يدنو منها ويحنو عليها.
ورابعاً- أن العقيدة تجعل القائد كالكاهن لا يفكر في نفسه ولا في ماله، ولا في أي مأرب من أمور الدنيا، غير أن ينتصر في ميدان يحسب أنه فيه يحمي الفضيلة؛ وبذلك يعلو في نفسه ويسمو.
ولقد نقل اللواء الركن محمود شيت خطاب أن مونتكومري قال في وصف نفس القائد المؤمن: "يجب أن يكون خادماً للحقيقة، وأن تكون هذه الحقيقة لغرض عام يقصد به النفع العام، ويروض نفسه على ذلك، حتى يكون له ملكة نفسية، من شأنها أن توحي إلى الآخرين بأن يتبعوه".
ذلك أن النواحي المعنوية أو النفسية، تسري إلى النفوس كما يسري الماء الطاهر من المكان العالي إلى ما دونه، فيتقدم الجند طائعين واثقين مطمئنين، لأن وجدانهم يتبع وجدانه، فهم خاضعون لنفسه ونزوعه إلى الخير والفضيلة الإنسانية قبل أن يخضعوا لما يأمر وينهى.
وإن القائد يجب أن يكون ضابطاً لنفسه صبوراً، وإن الجنود من ورائه يضبطون نفوسهم بضابط الصبر، وإن المحاربة تكون بالمصابرة، كما تكون بالمقاتلة؛ بل إن أساس القوة في المقاتلة هو المصابرة. هكذا

الصفحة 17