كتاب بين العقيدة والقيادة
10 - ولقد أشار اللواء الركن الكاتب العظيم العبقري في إيمانه وجهاده وقلمه إلى ما كان من القواد المسلمين، الذين شقوا بنور السيف والعقيدة والكتاب المبين نورَ الظلام المتكاثف، وانسابوا في الأرض بقوة الاعتقاد ونور الهداية أولاً، وبالإقدام على الموت طلباً للحياة العزيزة الكريمة ثانياً، وإزالة لطغيان الأكاسرة والقياصرة ليغزوا الشعوب التي مُنِيت بحكمهم ثالثاً؛ فكانت العقيدة ونور الحق مع الاستعداد هي التي تأتي لهم بنصر الله العزيز الحكيم.
وإن العقيدة وحدها هي التي دفعت قتيبة بن مسلم لأن ينساب بجيوشه المؤمنة من أرض العرب إلى أن يصل إلى الصين، ويجتاز بلاد ما وراء النهر والهند هادياً مؤمناً مجاهداً يحمل في قلبه إيماناً، وفي يده سيفاً بتاراً يشق ظلام الشرك والجهالة.
وهذا موسى بن نصير، ورئيس أركان حربه طارق بن زياد المؤمن، يسير قاطعاً شمال إفريقية حتى يصل طارق إلى المغرب، ويجتاز البحر بجيشه، حتى يصل إلى ساحل الأندلس، فيحرق سفنه، ولم يبق له ولجنده إلا العقيدة المؤمنة الدافعة، والسيوف المشهورة المحاربة؛ ويقول في قوة إيمان، وسر الحقيقة ينطقه: "العدو أمامكم، والبحر وراءكم". وهو بهذا يبث فيهم روح الإيمان والفداء والإقدام.
فيتقدمون بقوة الإيمان والعقيدة، وقوة القيادة في أرض الأندلس فتحاً وعمارة ورفعاً للواء الحق والإيمان، ويسير من ورائه رئيسه موسى بن نصير، مجانباً طريقه؛ ولكنّ الطمع في الغنائم ممن وراء هذا الجيش الفاتح العظيم، يسحب الجندي المؤمن والقائد المجرب،
الصفحة 25
608