كتاب بين العقيدة والقيادة
وجاء موسم كتابة التقارير السرية السنوية، والقادة يكتبون كل عام تقريراً سرياً عن ضباطهم، يقوّمون خطياً أعمالهم وسلوكهم، واستناداً على تلك التقارير يُرفَّع الضباط أو يحرمون من الترفيع.
وجاءني مقَدّم اللواء ضاحكاً وبيده تقريري السري السنوي بخط قائد اللواء، فإذا به قد سجل إزاء فقرة: "هل يشرب الخمر"؟ في التقرير: "نعم يشربها بالمناسبات".
وأخبرت القائد بأنني لم أذق طعم الخمر أبداً، فقال: "كيف لا تشربها وأنت من خيرة الضباط"؟.
ودار الزمن دورته، وتخرجت من كلية الأركان، وشهدت
عشرات الدورات العسكرية، فرشحت نفسي معتمداً لدار الضباط في الموصل الحدباء.
ونجحت قائمتي في الانتخابات، فتنكرتُ لمقصف الدار، وأهملتُه إهمالاً شديداً، وأقمت مسجداً للصلاة؛ وكان في الدار سجل للمقترحات، يتقدم مَن يشاء من الضباط بمقترحاته حين يشاء.
وفي يوم من الأيام كتب ضابط من الضباط في سجل المقترحات: "ينقص الدار مقرئ للقرآن الكريم"، وقد أراد بهذا الاقتراح الاحتجاج على إهمال المقصف والاهتمام بالمسجد.
وأخيراً أُقيلت لجنة إدارة الضباط التي كانت برياستي قبل انتهاء مدتها، وعينت لجنة جديدة، فعاد الكاس والوتر إلى الدار، وعادت إلى المقصف أيامه السعيدة.
***
الصفحة 34
608