كتاب بين العقيدة والقيادة
ودنياهم، وإلا اضطربت الأمور عليهم. وملاك ذلك كله، حسن النية للرعية، وإخلاص الدين كله لله، والتوكل عليه، فإن الإخلاص والتوكل جماع صلاح الخاصة والعامة، كما أمرنا أن نقول في صلاتنا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 1 - 5]، فإن هاتين الكلمتين قد قيل: إنهما يجمعان معاني الكتب المنزَّلة من السماء ...
"وأعظم عون لولي الأمر خاصة، ولغيره عامة، ثلاثة أمور، أحدها: الإخلاص لله، والتوكل عليه بالدعاء وغيره، وأصل ذلك المحافظة على الصلوات بالقلب والبدن. والثاني: الإحسان إلى الخلق بالنفع والمال الذي هو الزكاة. والثالث: الصبر على أذى الخلق وغيره من النوائب. ولهذا جمع الله بين الصلاة والصبر كقوله تعالى في موضعين: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ 114 وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (1) [هود 11: 114 - 115]. وقوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه 20: 130]. وكذلك في سورة ق: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [سورة ق 50: 39]. وقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ 97 فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر 15: 97 - 98].
"وأما قرانه بين الصلاة والزكاة في القرآن فكثير جداً، فبالقيام بالصلاة والزكاة والصبر، يصلح حال الراعي والرعية، إذا عرف الإنسان ما يدخل في هذه الأسماء الجامعة: يدخل في الصلاة من ذكر الله ودعائه وتلاوة كتابه وإخلاص الدين له والتوكل عليه، وفي الزكاة
_______
(1) زلف الليل: أوائل الليل وأواخره.
الصفحة 56
608