كتاب بين العقيدة والقيادة

مستمرة على الدانماركيين رافضاً الاستسلام إلى الأعداء الكافرين" (1). ثم أثنى عليه ثناء عاطراً، لأنه أظهر جميع الفضائل المسيحية التي بنيت عليها حياته (2)، ومن الواضح أن مونتكومري أعجب بهذا الملك لأنه كان متديناً، ولأنه دافع عن الدين: "وهكذا أنقذ (ألفرد) انكلترا بحكمته ومهارته العسكرية، وأعطى المسيحية أملاً جديداً" (3). ولأنه: "تعلم القراءة، ثم ترجم بنفسه إلى لغة بلاده الديانة المسيحية للأديرة والمعلومات التي تزوِّد شعبه بالمعرفة والحكمة ... ما كان أعظمه رجلاً! كان على العموم مسيحياً صادقاً، يمارس كل الفضائل المسيحية" (4).
ويبدي مونتكومري إعجابه به (أوليفر كرومول) لأنه كان متديناً أيضاً: "وهنا لا بد من ذكر صفة أخرى من صفاته. لقد كان (أوليفر) حاد المزاج سريع الغضب، يثور فجأة وقد يسوقه ذلك في كثير من الأحيان إلى الخشونة والعنف، ولكن تديُّنه كان يساعده في هذه
_______
(1) السبيل إلى القيادة - الباب الثالث - ص 71؛ وقلت لنفسي حين قرأت هذا النص: "لو أن كاتباً عربياً مسلماً وصف شعباً يحارب شعبه بالأعداء الكافرين كما فعل مونتكومري، لاتهمه أبناء وطنه قبل غيرهم بالتعصُّب والنعوت المزرية الأخرى". هكذا نميِّع قضايانا المصيرية بأنفسنا، وهكذا ندافع عن أعدائنا ونتَّهم أنفسنا؛ بل نكيل لها التُّهم كيلاً. فليقرأ ما كتبه مونتكومري الذين يتَّهمون غيرهم بالتعصُّب، ويسبغون على أنفسهم مزية الانفتاح والتحرر ...
(2) المصدر السابق - الباب الرابع - ص 72.
(3) المصدر السابق - الباب الرابع - ص 73.
(4) المصدر السابق - الباب الرابع - ص 74؛ فماذا كان يقول القائلون عن كاتب عربي
مسلم يدافع عن شخصية عربية إسلامية بمثل هذه الحرارة والوضوح؛ لأن تلك
الشخصية متمسّكة بأهداب الدين!؟.

الصفحة 69