كتاب بين العقيدة والقيادة

ويرثي لحال البشرية التي تلهث وراء (المادة) وتبتعد عن (الروح) فيقول: "ألسنا نعيش جميعاً في ضباب من خداع النفس في عالم تستحوذ عليه (المادة) وتنبذ فيه القيم الروحية؟! فلنفكر مثلاً في نماذج الإعلانات الكثيرة التي تواجهنا أنَّى ذهبنا، والتي تؤثر في كثير من الناس، فهي توحي إلينا أن حل كل مشكلة يمكن أن يشترى بالمال. إنها تقول مثلاً: أتنشد السعادة في بيتك؟ إذن فاشتر هذه المكنسة الكهربية، أو ذلك النوع من طعام الفطور، أو هذا الصابون، أو اشرب تلك الجعة! ولا شك أن الناس جميعاً لا ينخدعون بهذه الإعلانات، ولكن الولد المراهق يتعرض للخطر وهو يعيش في هذا الضباب من خداع النفس. (ماذا ينفع الإنسان، لو حصل على الدنيا كلها وأضاع روحه) (1) ... " (2). هكذا يستشهد بآيات من الإنجيل لتأييد رأيه، ثم يقول: "إذا أردنا أن يجتاز العالم بسلام وتعقُّل حالة الهياج والاضطراب التي تسوده اليوم، فينبغي أن نحيا الحياة الحقة وأن نقتدي بالمسيح عليه السلام، بدلاً من الخبط في دياجير الظلام ... "، ويقول: "وهكذا نرى مدى الصعوبة التي يجابهها أولاد اليوم، وجسامة الواجب الذي يجابهه الآباء ومعلمو المدارس في تفسير كل ذلك لهم وتوجيههم نحو الصراط المستقيم. وقد زادت المهمة صعوبة زيادة كبيرة من جراء أحوال الحياة العصرية - الحياة التي يواجه فيها الأولاد مغريات ومشاكل أعظم من
_______
(1) آية من الإنجيل، ترى كم من رجالنا وقادتنا يستشهد بآيات الذكر الحكيم؟
(2) السبيل إلى القيادة، الباب الحادي عشر، ص 195.

الصفحة 74